في مثل السير والابتداء والبصرة جار في كلّ فعل له جار ومجرور متعلّق به.
ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّ مسألة الصلاة في الدار المغصوبة يمكن تنزيلها على المقولة وهي الصلاة ومتمّمها وهو كونها في المكان المغصوب الذي هو الأين ، لكن باعتبار كونه أينا للصلاة لا أينا لذات المصلّي ، على وجه لا تكون الصلاة مربوطة به ، ليكون حال الصلاة في حال كون ذات المصلّي في المكان المغصوب حال أعماله الفكرية التي تعرضه أو يفعلها وهو في ذلك المكان ، وإلاّ لخرجت المسألة عن مسألة الاجتماع بالمرّة ، بل لا بدّ من ربط الصلاة بذلك الأين ليكون أصلها مأمورا به ويكون متمّمها وأينها منهيا عنه.
وبعبارة أخرى : يكون المأمور به هو ذات الصلاة ويكون المنهي عنه هو ربطها بذلك المكان ، فيكون حالها حال السير المبتدأ به من البصرة في كونه في حدّ نفسه مأمورا به ، ويكون النهي متعلّقا بربطه بالبصرة ربط ابتداء نعبّر عنه بمتمّمه ، فلا يكون مسألة الاجتماع من قبيل التركّب من المقولتين ، بل يكون من قبيل التركّب من المقولة ومتمّمها فلاحظ وتدبّر ، وعلى أي حال لا يكون التركّب إلاّ انضماميا.
وبذلك ينحل لك ما أفاده قدسسره (١) في مثل قولنا توضأ ولا تتصرّف في الآنية المغصوبة ، عند ما يتوضّأ المكلّف من الآنية المغصوبة من أنّه من قبيل التركّب الانضمامي ، وأنّ كون الوضوء من الآنية المغصوبة متمّم لمقولة الوضوء وإن لم يكن بنفسه من المقولات المتأصّلة ، وهكذا الحال في الوضوء من آنية الذهب أو الفضّة.
أمّا الوضوء من الماء المغصوب فكونه من هذا القبيل موقوف على النظر
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٤٨ ـ ١٤٩.