صرف الطبيعة فلا يكون إلاّ مجموعيا ، وأخرى يكون عبارة عن آحاد السلوب الواردة على الطبيعة باعتبار تعدّد وجودها فيكون انحلاليا ، وثالثة يكون ذلك السلب الواحد مأخوذا صفة للمكلّف ويكون من قبيل الموجبة المعدولة المحمول ، ورابعة يكون على نحو رفع الايجاب الكلّي مثل أن يقول لا تصدّق بكلّ خبر ولا تعمل بكلّ ظنّ.
وهذه الصور الأربع ذكرها شيخنا في هذا المقام وفي باب العموم والخصوص (١) وفي مسألة اللباس المشكوك (٢) ولها آثار خاصّة من حيث الرجوع إلى البراءة والاشتغال في مقام الشكّ. وقد حرّر هذه الصور المرحوم الشيخ محمّد علي رحمهالله (٣) في هذا المقام فراجعه. والصورتان الأخيرتان لا محلّ لهما فيما نحن فيه من النواهي الشرعية ، وإنّما يكون الترديد في هذا المبحث بين الصورتين الأوليتين.
والظاهر من النواهي الشرعية هي الثانية منهما ، وتحرير ذلك أن يقال : قد حقّق في محلّه (٤) أنّ العموم في مقام الثبوت والايجاب كما لو قال أكرم كلّ عالم ظاهره الانحلال ، وكون الافراد على نحو المجموعية والارتباط محتاج إلى عناية زائدة ، لكن المطلب في باب النواهي بحسب النظر البدوي على العكس من ذلك ، بمعنى أنّ مجرّد تعلّق الطلب بعدم الطبيعة يقتضي كونه عدما واحدا واردا على الطبيعة وسدّا واحدا لباب وجودها ، فيكون من قبيل العام المجموعي ،
__________________
(١) لاحظ ما ورد في أجود التقريرات ٢ : ٢٩٩.
(٢) لاحظ ما ذكره قدسسره في رسالة الصلاة في المشكوك : ١٨٩ وما بعدها ، و٢٦٨ وما بعدها.
(٣) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٣٩٤.
(٤) راجع أجود التقريرات ٢ : ٢٩٤ وما بعدها ( الأمر الثالث ).