متعلّقا بالصلاة ، فلا بدّ أن يكون ذلك بقهر قاهر يجبره ويلزمه بالصلاة في المكان المغصوب وهو الصورة الثالثة ، لا أنّه يمنعه من الصلاة إلاّ في المغصوب أعني الصورة الثانية من صور الاضطرار ، لأنّ ذلك لا يسوّغ له الإقدام على الصلاة التي يكون فعلها مستلزما لارتكاب الغصب ، وهذه الصورة هي التي أشار إليها المرحوم الشيخ محمّد علي بقوله : وأمّا لو كان متمكّنا من ترك الغصب ولكن كان غير متمكّن من الصلاة إلاّ في المغصوب الخ (١) فلاحظ.
وهل يصلّي في هذه الصورة صلاة المضطرّ نظير صلاته في حال الخروج ، أو أنّه يصلّي صلاة المختار؟ الظاهر الأوّل ، وحينئذ لا يبقى فرق بيّن بينه وبين المحبوس ، بل يكون هذا أسوأ حالا من المحبوس ، لأنّ المحبوس إنّما يمنع من التصرّف الزائد وهذا قد منع من صلاة المختار.
نعم ، لو كان القاهر قد قهره على صلاة المختار صلّى صلاة المختار ، فإنّه حينئذ يباح له الغصب بمقدار صلاة المختار ، فتصحّ صلاته حينئذ بناء على الجواز من الجهة الأولى دون ما لو قيل بالامتناع ، إلاّ أن يقال إنّ الغصب يخرج بالاضطرار عن الحرمة فتخرج المسألة عن مسألة الاجتماع ، فتأمّل.
قوله في الحاشية : قد عرفت فيما تقدّم أنّ حقيقة الوجوب ليست إلاّ عبارة عن اعتبار كون فعل ما على ذمّة المكلّف ، وهذا المعنى في نفسه لا يقتضي اعتبار القدرة على ذلك الفعل ، وإنّما تكون القدرة معتبرة بحكم العقل في مقام الامتثال دون مرحلة التكليف ... الخ (٢).
إنّ كون الفعل في ذمّة المكلّف إنّما يكون من آثار التكليف ، والتكليف
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٤٦.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ١٧٨.