والعمدة في جميع هذه الايرادات هو الثالث ، من أنّ التعدّد بحسب الوجود يستلزم التعدّد في الايجاد ، لعدم الاختلاف بين الايجاد والوجود إلاّ بالاعتبار. وليس مراد شيخنا قدسسره هو الاتّحاد في الايجاد حقيقة كي يتّجه عليه هذه الايرادات ، بل مراده هو وحدته العرفية ، حيث إنّ الصلاة في الدار المغصوبة وإن انحلّت إلى فعلين ووجودين بل إيجادين ، إلاّ أنّهما لمّا كانا صادرين بارادة واحدة كانت جهة الفاعلية فيهما واحدة عرفا بل حقيقة ، لما عرفت من وحدة الارادة الفاعلية ، وحيث اتّحدا في الجهة الفاعلية كانت جهة القبح الفاعلي بالاضافة إلى إيجاد الغصب سارية إلى الجهة الفاعلية في جهة إيجاد الصلاة ، بل لا معنى للتعبير بالسراية لكون الجهة الفاعلية فيهما واحدة ، وحينئذ فمع تقديم جهة الغصب تكون جهة فاعلية تلك الصلاة قبيحة فلا يمكن الامتثال فيها ، ولا يشملها الأمر عقلا وإن شملها شرعا ، فلاحظ وتأمّل.
وهذا المعنى الذي شرحناه ـ أعني الاتّحاد بينهما في الجهة الفاعلية التي ربما عبّر عنه شيخنا قدسسره بجهة الايجاد ـ هو الحجر الأساسي في كون الطبيعة في ذلك الفرد غير مقدورة ، وفي عدم جريان الترتّب فيه ، وفي عدم امكان التقرّب.
ولكن بقي في المقام إشكال آخر يتولّد من دعوى اتّحاد جهة الفاعلية التي هي جهة الايجاد ، وذلك الإشكال هو أنّ الجهة الفاعلية في قبال الجهة الفعلية ، والجهة الأولى هي التي نعبّر عنها بالجهة المصدرية والثانية هي المعبّر عنها باسم المصدر ، ولا ريب في أنّ التكاليف إنّما تتعلّق بالجهة المصدرية ، فإنّ ذلك هو مركز الايجاب والتحريم وبه يتعلّق البعث والزجر ، وحينئذ يعود المحذور في أصل الاجتماع من الجهة الأولى لكون التركّب فيما هو متعلّق التكليفين فيما نحن فيه تركّبا اتّحاديا ، لما ذكرناه من وحدة جهة الاصدار التي هي مركز التكليفين.