فلما أنزل الله تبارك وتعالى فيه « وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي » (١).
فلو قال : أصلح لي ذريتي كانوا كلهم أئمة ولكن خص هكذا.
بيان : قال الجوهري : قولهم : الناس في هذا الامر شرع سواء ، يحرك و يسكن ، ويستوي فيه الواحد والمؤنث والجمع ، وهذا شرع هذا وهما شرعان أي مثلان قوله عليهالسلام : لا أراكم تأخذون به أي لا تعتقدون المساواة أيضا بل تفضلون ولد الحسن أو أنكم لا تأخذون بقولي إن بينت لكم العلة في ذلك والاخير أظهر.
٢١ ـ فس : « ووصينا الانسان بوالديه إحسانا » (٢) قال : الاحسان رسول الله صلىاللهعليهوآله قوله : « بوالديه » إنما عنى الحسن والحسين عليهماالسلام ثم عطف على الحسين فقال « حملته امه كرها وضعته كرها ».
وذلك أن الله أخبر رسول الله صل الله عليه واله وبشره بالحسين قبل حمله ، وأن الامامة تكون في ولده إلى يوم القيامة ، ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه و ولده ثم عوضه بأن جعل الامامة في عقبه وأعلمه أنه يقتل ثم يرده إلى الدنيا و ينصره حتى يقتل أعداءه ويملكه الارض وهو قوله : « ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض » (٣) الاية وقوله : « ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون » (٤) فبشر الله نبيه صلىاللهعليهوآله أن أهل بيتك يملكون الارض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم.
فأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة عليهاالسلام بخبر الحسين عليهالسلام وقتله فحملته كرها.
ثم قال أبوعبدالله عليهالسلام : فهل رأيتم أحدا يبشره بولد ذكر فيحمله كرها؟
____________________
(١) و (٢) الاحقاف : ١٥.
(٣) القصص : ٤.
(٤) الانبياء : ١٠٥.