قال المفيد والسيد وابن نما رحمهمالله واشتد العطش بالحسين عليه السلام فركب المسناة يريد الفرات والعباس أخوه بين يديه فاعترضه خيل ابن سعد فرمى رجل من بني دارم الحسين عليه السلام بسهم فأثبته في حنكه الشريف فانتزع عليه السلام السهم وبسط يده تحت حنكه حتى امتلأت راحتاه من الدم ثم رمى به وقال اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك ثم اقتطعوا العباس عنه وأحاطوا به من كل جانب حتى قتلوه وكان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي وحكيم بن الطفيل السنبسي فبكى الحسين لقتله بكاء شديدا (١).
قال السيد ثم إن الحسين عليه السلام دعا الناس إلى البراز فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى قتل مقتلة عظيمة وهو في ذلك يقول :
القتل أولى من ركوب العار |
|
والعار أولى من دخول النار |
قال بعض الرواة فو الله ما رأيت مكثورا قط (٢) قد قتل ولده وأهل بيته وصحبه أربط جأشا منه وإن كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب ولقد كان يحمل فيهم وقد تكملوا ألفا فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (٣).
وقال ابن شهرآشوب ومحمد بن أبي طالب ولم يزل يقاتل حتى قتل ألف رجل وتسعمائة رجل وخمسين رجلا سوى المجروحين فقال عمر بن سعد لقومه الويل لكم أتدرون لمن تقاتلون هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتال العرب فاحملوا عليه من كل جانب وكانت الرماة أربعة آلاف فرموه بالسهام فحالوا
__________________
(١) الملهوف ص ١٠٣ ـ الإرشاد ص ٢٢٤.
(٢) المكثور : المغلوب وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه ، قال في التاج وفي حديث مثل الحسين : « ما رأينا مكثورا أجرا مقدما منه ».
(٣) كتاب الملهوف ص ١٠٥ ومثله في الطبري ج ٦ ص ٢٥٩ عن عبد الله بن عمار ابن [ عبد ] يغوث.