فلم يقدر على الاستلام من الزحام ، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليهالسلام وعليه إزار ورداء ، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة ، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز ، فجعل يطوف فاذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له ، فقال شامي : من هذايا أمير المؤمنين؟ فقال : لا أعرفه ، لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال الفرزدق وكان حاضرا : لكني أنا أعرفه ، فقال الشامي : من هو يا أبا فراس؟ فأنشأ قصيدة ذكر بعضها في الاغاني ، والحلية ، والحماسة ، والقصيدة بتمامها هذه :
يا سائلي أين حل الجود والكرم؟ |
|
عندي بيان إذا طلابه قدموا |
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته |
|
والبيت يعرفه والحل والحرم |
هذا ابن خير عباد الله كلهم |
|
هذا التقي النقي الطاهر العلم |
هذا الذي أحمد المختار والده |
|
صلى عليه إلهي ماجرى القلم |
لو يعلم الركن من قدجاء يلثمه |
|
لخر يلثم منه ما وطى القدم |
هذا علي رسول الله والده |
|
أمست بنور هداه تهتدي الامم |
هذا الذي عمه الطيار جعفر |
|
والمقتول حمزة ليث حبه قسم |
هذا ابن سيدة النسوان فاطمة |
|
وابن الوصي الذي في سيفه نقم |
إذا رأته قريش قال قائلها |
|
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم |
يكاد يمسكة عرفان راحته |
|
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم |
وليس قولك : من هذا؟ بضائره |
|
العرب تعرف من أنكرت والعجم |
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت |
|
عن نيلها عرب الاسلا م والعجم |
____________________
ج ٢ ص ٥١٣ ، والقيروانى في زهر الاداب ج ١ ص ٦٥ ، وابن نباتة المصرى في شرح رسالة ابن زيدون بهامش الغيث المسجم للصفدى ج ٢ ص ١٦٣ ، وابن كثير الشامى في البداية والنهاية ج ٩ ص ١٠٨ ، وقال : وقد روى من طرق ذكرها الصولى والجريرى وغير واحد الخ ، وابن حجر في الصواعق المحرقة ص ١٩٨ طبع مصر سنة ١٣٧٥ ، والشبلنجى في نور الابصار ص ١٢٩ والصاوى في ديوان الفرزدق ج ٢ ص ٨٤٨ وغيرهم وغيرهم.