الواجب الثالث وهو الحلق أو التقصير ليقوم بدوره ويكون رمزاً إلى إزالة آثار العدوان والاعتداء الذي يمارسه العدو ضد الإسلام والمسلمين كما يكون رمزاً إلى زوال الأخطاء والسيئات التي كانت صادرة من الحاج قبل تشرفه بزيارة بيت الله الحرام ـ إذا لم يكن معصوماً أو بحكم المعصوم ـ وأما إذا كان واحداً من هذين ـ المعصوم ومن بحكمه ـ فإن الحلق أو التقصير يكون رمزاً لإزالة العدوان كما يكون رمزاً لحصول المزيد من الصفاء الروحي والنظافة المعنوية التي تزيد صاحبها قرباً من الله سبحانه .
وأما مبيت الحاج في منى ليلتي الحادي والثاني عشر وقد تضاف إليهما ليلة الثالث عشر ـ فيمكن أن يكون رمزاً لظاهرة أخرى من ظواهر ومظاهر التعبد الشرعي ـ وهو التزام جانب السكون والتوقف عن العمل والحركة في مقابل ظاهرة التحرك التعبدية الذي مارسه الحاج بإتيان المناسك السابقة على هذا المنسك الأخير .
إلى هنا نكون قد رسمنا صورة مختصرة عن مناسك الحج وما يُستوحى من كل واحد منها من دروس تربوية ترسخ العقيدة وتهذب النفس وتعدل السلوك في نهج السماء القويم وصراطه المستقيم الذي ينتهي بالإنسان إلى الخير والسعادة في الدنيا والآخرة .
ومن أجل تتميم
الفائدة وتعميق الفكرة التي رسمتها عن مناسك الحج بما تقدم بيانه أحب إعطاء صورة مختصرة عن مجموع ما تقدم الكلام حوله من مناسك الحج المباركة فأقول : إن تأدية فريضة الحج المباركة تعتبر رحلة فكرية وروحية في طريق السعي إلى الله تعالى والتقرب منه معنوياً بزيارة بيته الحرام وتأدية فريضة حجة الإسلام على الوجه المطلوب شكلاً وصورة وهدفاً وغاية ـ وأول خطوة على طريق هذه الرحلة المباركة هي الإحرام من أحد المواقيت المحددة للحجاج الكرام وهو