هذا ما اقتضت المصلحة الإشارة إليه إجمالاً وإليك التفصيل فيما يلي بالحديث عن الحكمة في تشريع كل منسك من مناسك الحج وشعائره المقدسة وبالاختصار قدر الإمكان فأقول :
إن الإحرام من الميقات هو أول خطوة يخطوها الحاج أو المعتمر على درب التعبد لله سبحانه بهذه الفريضة المقدسة .
وهنا يقع السؤال أولاً عن السر في أصل تشريع وجوب الإحرام وثانياً عن الحكمة في تقييده بكونه من مكان معين وهو الميقات الذي يقع في طريق الحاج أو المعتمر بحيث لا يجوز له الإحرام من مكان آخر كما لا يجوز له تقديمه عليه ولا تأخيره عنه بدون مبرر شرعي وجواب السؤال الأول يظهر من معرفة الحكمة العامة في أصل التعبد بالشعائر الدينية وهي استفادة المكلف درساً تربوياً في العبودية الخاضعة والعبادة الخاشعة لله سبحانه في محراب الحياة لذلك يصدر التكليف من المولى في أغلب الأحيان ـ بأمر من الأمور ويحيطه ببعض القيود والحدود التعبدية ليتمرن العبد على الخضوع والتعبد بامتثاله مع التقيد والتعبد بقيوده حتى وإن لم يعرف السر في أصل التكليف والإلزام بتلك القيود مع لزوم إيمان المكلف بحكمة الله سبحانه كما سبق وأنه لذلك لا يشرع حكماً بلا غاية وحكمة كما لا يخلق شيئاً بدون غرض وهدف .
ولذلك لا يتوقف المؤمن عن الامتثال لمجرد عدم الاطلاع التفصيلي على الحكمة الخاصة في تشريع هذا الحكم أو ذاك .
وإذا كان المعروف
والمشهور في النظام العسكري للبشر أن يقال للجندي : نفذ ثم اعترض ـ فالمناسب للنظام السماوي المشرع من قبل المولى الحقيقي والقائد الواقعي وهو الله تعالى : أن يقال للعبد المؤمن :