هذَا الْخَلْقَ ، لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً » (١)
فَقُلْتُ : أَصْلَحَكَ اللهُ ، فَكَيْفَ (٢) ذَاكَ (٣)؟
فَقَالَ (٤) : « إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ خَلَقَ أَجْزَاءً بَلَغَ بِهَا تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَجْزَاءَ أَعْشَاراً ، فَجَعَلَ الْجُزْءَ عَشْرَةَ أَعْشَارٍ ، ثُمَّ قَسَمَهُ (٥) بَيْنَ الْخَلْقِ ، فَجَعَلَ فِي رَجُلٍ عُشْرَ جُزْءٍ ، وَفِي آخَرَ عُشْرَيْ جُزْءٍ حَتّى بَلَغَ بِهِ جُزْءاً تَامّاً ، وَفِي آخَرَ جُزْءاً وَعُشْرَ جُزْءٍ ، وَ (٦) آخَرَ جُزْءاً وَعُشْرَيْ جُزْءٍ ، وَ (٧) آخَرَ جُزْءاً وَثَلَاثَةَ أَعْشَارِ جُزْءٍ ، حَتّى بَلَغَ بِهِ جُزْءَيْنِ تَامَّيْنِ ، ثُمَّ بِحِسَابِ ذلِكَ حَتّى بَلَغَ بِأَرْفَعِهِمْ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً ، فَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ إِلاَّ عُشْرَ جُزْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلى (٨) أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْعُشْرَيْنِ ، وَكَذلِكَ (٩) صَاحِبُ الْعُشْرَيْنِ لَايَكُونُ (١٠) مِثْلَ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ (١١) الْأَعْشَارِ ، وَكَذلِكَ مَنْ تَمَّ (١٢) لَهُ جُزْءٌ (١٣) لَايَقْدِرُ عَلى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْجُزْءَيْنِ ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَ
__________________
(١) في مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٢٧٧ : « لم يلم أحد أحداً ، أي في عدم فهم الدقائق والقصور عن بعض المعارف ، أو في عدم اكتساب الفضائل والأخلاق الحسنة وترك الإتيان بالنوافل والمستحبّات ، وإلاّ فكيف يستقيم عدم الملامة على ترك الفرائض والواجبات وفعل الكبائر والمحرّمات؟ وقد مرّ أنّ الله تعالى لايكلّف الناس إلاّبقدر وسعهم ، وليسوا بمجبورين في فعل المعاصي ولا في ترك الواجبات ؛ لكن يمكن أن لايكون في وسع بعضهم معرفة دقائق الامور وغوامض الأسرار ، فلم يكلّفوا بها ؛ وكذا عن تحصيل بعض مراتب الإخلاص واليقين وغيرها من المكارم ، فليسوا بملومين بتركها. فالتكاليف بالنسبة إلى العباد مختلفة بحسب اختلاف قابليّاتهم واستعداداتهم ».
(٢) في « ب ، ج ، د ، ص ، ض ، بر ، بس ، بف » والبحار : « وكيف ». وفي « ف » : « كيف ».
(٣) في « ص » والبحار : « ذلك ».
(٤) في الوافي والبحار : « قال ».
(٥) يجوز فيه التشديد أيضاً.
(٦) في « ف » والوسائل والبحار : « وفي ».
(٧) في « ف » والبحار : « وفي ».
(٨) في الوسائل : ـ / « على ».
(٩) في « ص » : « وكذا ».
(١٠) في « ف » : « لايقدر على أن يكون » بدل « لايكون ».
(١١) في الوسائل : ـ / « الثلاثة ».
(١٢) في « ض » : « أتمّ ».
(١٣) في « ب ، ض » : « جزءاً ». فهو تميز لـ « تمّ » كقوله تعالى : « فَتَمَّ مِيقتُ رَبّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلِةً » الأعراف (٧) : ١٤٢.