الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ زُرَارَةَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، قَالَ : « لَوْ عَلِمَ النَّاسُ كَيْفَ (١) ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ مَا (٢) اخْتَلَفَ اثْنَانِ ، إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ قَالَ : كُنْ مَاءً عَذْباً ؛ أَخْلُقْ (٣) مِنْكَ (٤) جَنَّتِي وَأَهْلَ طَاعَتِي ، وَكُنْ مِلْحاً أُجَاجاً ؛ أَخْلُقْ مِنْكَ نَارِي (٥) وَأَهْلَ مَعْصِيَتِي ، ثُمَّ أَمَرَهُمَا ، فَامْتَزَجَا ، فَمِنْ ذلِكَ صَارَ يَلِدُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ ، وَالْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ (٦)
ثُمَّ أَخَذَ طِيناً (٧) مِنْ أَدِيمِ (٨) الْأَرْضِ ، فَعَرَكَهُ (٩) عَرْكاً شَدِيداً ، فَإِذَا هُمْ كَالذَّرِّ (١٠)
__________________
وغيرهم ممّن ذكر في محلّه. وقال في مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ١٦ : « إنّما أفرد لتلك الأخبار باباً لاشتمالها على أمر زائد لم يكن في الأخبار السابقة ؛ رعايةً لضبط العنوان بحسب الإمكان ».
(١) في « هـ » والمحاسن : + / « كان ».
(٢) في مرآة العقول والبحار والمحاسن : « لما ».
(٣) يجوز فيه الرفع. وكذا فيما يأتي.
(٤) في مرآة العقول : « منك ، أي من أجلك » وكذا فيما يأتي.
(٥) في حاشية « ب » : « النار ».
(٦) في مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ١٧ : « أقول : لايبعد أن يكن الماء العذب كناية عمّا خلق الله في الإنسان من الدواعي إلى الخير والصلاح كالعقل والنفس الملكوتي ، والماء الاجاج عمّا ينافي ويعارض ذلك ويدعو إلى الشهوات الدنيّة واللذّات الجسمانيّة من البدن وما ركّب فيه من الدواعي إلى الشهوات ؛ ويكون مزجهما كناية عن تركيبهما في الإنسان. فقوله : أخلق منك ، أي من أجلك جنّتي وأهل طاعتي ؛ إذ لولا في الإنسان من جهة الخير لم يكن لخلق الجنّة فائدة ، ولم يكن يستحقّها أحد ، ولم يصر أحد مطيعاً له تعالى. وكذا قوله : أخلق منك ناري ؛ إذ لولا ما في الإنسان من دواعي الشرور لم يكن يعصي الله أحد ، ولم يحتج إلى خلق النار للزجر عن الشرور ».
(٧) في حاشية « ب » : « طينه ». وفي البحار : « طينة ». وفي المحاسن : « طين آدم ».
(٨) أديم كلّ شيء : ظاهر جلده. وادمة الأرض : وجهها. وفي الوافي : « ولعلّه كناية عمّا ينبت منها ممّا يصلح لأن يصير غذاءً للإنسان ويحصل منه النطفة ، أو تتربّى منه ». راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٧٢ ؛ معجم مقائيس اللغة ، ج ١ ، ص ٧٢ ( أدم ) ؛ البحار ، ج ١١ ، ص ١٠٠.
(٩) عركت الشيء أعرُكُه عَرْكاً : دَلَكْتُه. وفي الوافي : « ولعلّه كناية عن مزجه بحيث يحصل منه المزاج المستعدّ للحياة ». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٩٩ ( عرك ).
(١٠) « الذرّ » : صغار النمل. الواحدة : ذرّة. وفي الوافي : « ووجه الشبه الحسّ والحركة وكونهم محلّ الشعور مع صغر الجثّة والخفاء ». راجع : المصباح المنير ، ص ٢٠٧ ( ذرّ ).