وَالرِّفْقُ بِهِمْ نِصْفُ الْعَيْشِ ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « خَالِطُوا الْأَبْرَارَ سِرّاً ، وَخَالِطُوا الْفُجَّارَ جِهَاراً (١) ، وَلَا تَمِيلُوا عَلَيْهِمْ (٢) فَيَظْلِمُوكُمْ ؛ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ لَايَنْجُو فِيهِ (٣) مِنْ ذَوِي الدِّينِ إِلاَّ مَنْ ظَنُّوا أَنَّهُ أَبْلَهُ (٤) ، وَصَبَّرَ (٥) نَفْسَهُ عَلى أَنْ يُقَالَ (٦) : إِنَّهُ أَبْلَهُ لَاعَقْلَ لَهُ ». (٧)
١٨٤٦ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ (٨) ذَكَرَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام يَقُولُ : « إِنَّ قَوْماً مِنَ النَّاسِ (٩) قَلَّتْ مُدَارَاتُهُمْ لِلنَّاسِ ، فَأُنِفُوا (١٠)
__________________
(١) في « ز ، ص ، ف » والوافي : « جهراً ».
(٢) قال في مرآة العقول : « لا تميلوا عليهم ، على بناء المجرّد ، والتعدية بعلى للضرر ، أي لاتعارضوهم إرادةللغلبة .... وقيل : هو على بناء الإفعال والتفعيل ، أي لا تعارضوهم لتميلوهم من مذهب إلى مذهب آخر ، وهو تكلّف وإن كان أنسب بما بعده ».
(٣) في شرح المازندراني : ـ / « فيه ».
(٤) بَلِهَ بَلَهاً : ضَعُف عقله فهو أبله. المصباح المنير ، ص ٦١ ( بله ).
(٥) يجوز في « صبر » التجريد والتثقيل ؛ فإنّ المجرّد منه يستعمل لازماً ومتعدّياً. يقال : صَبَرْتُ ، أي حبستُ النفس عن الجزع ، وصَبَرْتُ زيداً وصبّرته ، أي حملته على الصبر بوعد الأجر ، أو قلت له : اصبر. راجع : شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ٣٢٣ مرآة العقول ، ج ؛ ٨ ، ص ٢٣٠.
(٦) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والبحار. وفي المطبوع : + / « [ له ] ».
(٧) تحف العقول ، ص ٤٢ ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلى قوله : « الرفق بهم نصف العيش ». وراجع : الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الرفق ، ح ١٨٥٧ ، ومصادره الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٣٤٤ ؛ الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠١ ، ح ١٦٠٨٥ ؛ البحار ، ج ٧٥ ، ص ٤٤٠ ، ح ١٠٨.
(٨) في الوسائل : « أصحابنا ».
(٩) في الوسائل : ـ / « من الناس ». وفي الخصال : « قريش ».
(١٠) في « ب ، ج ، د ، ز ، ض » وشرح المازندراني والوسائل : « فالِقوا ». وفي الخصال : « فنفوا ». وقال في مرآة العقول : « قوله عليهالسلام : فأنفوا من قريش ، كذا في أكثر النسخ ، وكأنّه على بناء الإفعال مشتقّاً من النفي بمعنى الانتفاء ؛ فإنّ النفي يكون لازماً ومتعدّياً ، لكن هذا البناء لم يأت في اللغة. أو هو على بناء المفعول من أنف ، من قولهم : أَنَفَهُ يَأْنِفُهُ ويَأْنُفُهُ : ضرب أنفه ، فيدلّ على النفي مع مبالغة فيه ، وهو أظهر وأبلغ. وقيل : كأنّه صيغة مجهول من الأنفة بمعنى الاستنكاف ؛ إذ لم يأت الإنفاء بمعنى النفي ؛ انتهى. وأقول : هذا أيضاً لا يستقيم ؛ لأنّ الفساد مشترك ؛ إذ لم يأت أنف بهذا المعنى على بناء المجهول فإنّه يقال : أنف منه كفرح أنفاً وأنفةً : استنكف. وفي كثير من النسخ : فألقوا ، أي أخرجوا وأطرحوا منهم. وفي الخصال : فنفوا. وهو أظهر ».