[ الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف ]
قوله : الأمر الخامس : لو اضطرّ إلى ارتكاب بعض الأطراف ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الاضطرار إلى بعض الأطراف تارةً يكون اضطراراً إلى إتلافه وصرفه فيما لا يكون مشروطاً بالطهارة ، مثل الاضطرار إلى إطفاء النار به ، أو إلى سقيه لحيوان يلزم حفظ حياته ونحو ذلك. وأُخرى يكون اضطراراً إلى استعماله فيما يشترط فيه الطهارة ، وهذا على نحوين ، لأنّ استعماله فيما يشترط فيه الطهارة إمّا أن يكون باتلافه فيه كأن يضطرّ إلى شربه ، وإمّا أن لا يكون ذلك إتلافاً له كما في الاضطرار إلى لبس الثوب في حال الصلاة.
أمّا القسم الأوّل وهو الاضطرار إلى إتلافه فيما لا يشترط فيه الطهارة ، فهو وإن أوجب سقوط العلم الاجمالي ، إلاّ أنه إنّما يسقطه من جهة كونه من قبيل الخروج عن الابتلاء ، على ما تقدّم (٢) من أنّ العلم الاجمالي لا يكون مؤثّراً لو كانت مخالفة التكليف في أحد طرفيه غير مقدورة عقلاً أو عادة أو شرعاً ، وهذا من قبيل ما تكون المخالفة غير مقدورة شرعاً ، لأنّه بواسطة الأمر بصرف ذلك الماء في إطفاء النار لا يكون شربه أو الوضوء به مقدوراً شرعاً ، فلا يصحّ النهي عن شربه أو الوضوء به.
ومن ذلك يعلم أنّه لابدّ في هذا القسم من كون الاضطرار بالغاً حدّ الوجوب
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٩٣.
(٢) في المجلّد السابع من هذا الكتاب ، الصفحة : ٥٣٩ وما بعدها.