من توقّفه على العلم والعمد ، فلا أثر فيه للعلم الاجمالي حتّى فيما يكون ذلك الأثر لاحقاً لنفس المتبوع ، فضلاً عمّا إذا كان لاحقاً لتابعه.
ثمّ إنّ الحكم في القسم الأوّل ـ أعني مثل وجوب الاجتناب عن ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة بناءً على أنّه منه ـ وإن كان حكماً جديداً على موضوع جديد ، لكن حيث كان المتبوع جزءاً من الموضوع في الحكم التابع ، كان الأصل الجاري فيه حاكماً على الأصل الجاري في التابع ، فلو كان الشيء مشكوك النجاسة ولاقاه شيء آخر برطوبة ، كانت قاعدة الطهارة في المشكوك حاكمة على قاعدة الطهارة في ملاقيه ، وإن كانا متوافقين. ولو كان المشكوك ممّا تجري فيه الأُصول المثبتة ، مثل الجلد المشكوك الذي هو في حدّ نفسه مجرى لأصالة عدم التذكية الموجبة للحكم بكونه نجساً لكونه ميتة ، أو كان مستصحب النجاسة ، كان الأصل فيه حاكماً على قاعدة الطهارة في ملاقيه ، وكان الملاقي له محكوماً بالنجاسة. وفي مثل القطعة التي لا يعلم أنّها من إنسان أو غيره ممّا لا يكون نجساً ، لمّا لم يكن لنا أصل ينقّح به حالها ، يكون ملاقيها مجرى لاستصحاب الطهارة من الخبث أو لقاعدتها ، كما أنّه لو كان الملاقي لها إنساناً يكون مجرى لاستصحاب الطهارة من الحدث أيضاً ، أو لأصالة البراءة من وجوب الغسل.
ولو وقع الملاقى في المثال الأوّل طرفاً للعلم الاجمالي بالنجاسة ، سقطت قاعدة الطهارة فيه وجرت قاعدة الطهارة في ملاقيه. وكذا في المثال الثاني لو وقع طرفاً للعلم الاجمالي المردّد بينه وبين ما هو من سنخه ممّا يكون في نفسه مجرى للأصل المثبت ، بناءً على سقوط الأُصول الاحرازية في مورد العلم الاجمالي. ولو كانت مثبتة للتكليف ، فإنّه أيضاً يكون المرجع في ملاقيه هو قاعدة الطهارة.
وأمّا بناءً على عدم سقوط الأُصول المذكورة في أطراف العلم الاجمالي ،