الموجبين لرفع ذلك الأثر على تقدير انطباق المعلوم بالاجمال على ذلك الطرف المضطرّ إليه.
قال الأُستاذ العراقي قدسسره في مقالته ـ بعد أن أفاد أنّ الاضطرار إلى واحد معيّن قبل العلم الاجمالي أو مقارناً يوجب سقوط العلم الاجمالي ـ ما هذا لفظه : نعم لو كان الاضطرار المزبور ناشئاً عن تقصير في مقدّماته بنحو يخرج عن صلاحية العذر ، لا بأس بدعوى بقاء العلم الاجمالي على منجّزيته وإن لم يكن فعلاً علم بالخطاب الفعلي ، إذ مثل هذه الجهة بعد ما لا يكون مانعاً عن تنجيز الخطاب ـ بمحض تمكّنه من حفظه سابقاً ـ فلا يصلح مانعيته عن فعلية الخطاب [ للمنع ] عن تنجّز الخطاب بطريقه ، وكأنّه يصير من قبيل إلقاء النفس عن الشاهق. والظاهر أنّ إطباق كلماتهم أيضاً على مانعية مثل هذا الاضطرار عن منجّزية العلم بل عن وجوده منصرف عن صورة التقصير المزبور كما لا يخفى (١).
قلت : لا يخفى أنّ الاضطرار إنّما يكون غير منافٍ للتنجّز بحيث يكون من قبيل الاضطرار بسوء الاختيار إذا كان بعد توجّه الخطاب وبعد تنجّزه ، وهو هنا لا يكون إلاّبالعلم الاجمالي الذي صرّحوا بأنّ الاضطرار فيه لا يكون موجباً لسقوط العلم عن التنجّز ، أمّا لو كان قبل العلم أو كان مقارناً للعلم ، بأن كان له إناءان من الماء فأراق أحدهما عمداً وبقي الآخر ، ثمّ حدث اضطراره إلى شرب الباقي وحدث العلم الاجمالي المردّد بين نجاسة الاناء الباقي وبين ثوبه مثلاً ، فهذا الاضطرار ممّا لا ينبغي الريب في كونه خارجاً عن التقصير وعن كونه اضطراراً بسوء الاختيار ، فلاحظ وتأمّل.
والحاصل : أنّ كون الاضطرار بسوء الاختيار موجباً لبقاء العقاب وإن سقط
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢٤٤.