لذلك في ملحق الجزء الثاني من المستمسك في مبحث القبلة (١).
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ الميتة لو كانت هي هذه السمكة لكانت الأُخرى مباحة ، فلا يكون إطلاق وجوب الاجتناب عن هذه السمكة وشموله لصورة ترك الأُخرى حرجياً ، كما هو الشأن في كلّ واجب قوبل بمباح يكون الجمع بينه وبينه حرجياً ، مثل أن يكون الصوم حرجياً عند التعرّض للشمس ، فإنّ ذلك لا يرفع إطلاق وجوب الصوم وشموله لصورة التعرّض ، بل يبقى وجوب الصوم على حاله من الاطلاق وشموله لصورة التعرّض ، ويكون اللازم على المكلّف هو اجتناب التعرّض.
وإنّما تتأتّى هذه الطريقة ـ أعني طريقة التقييد ـ فيما لو كان كلّ منهما واجباً مع فرض اتّفاق عدم القدرة على الجمع بينهما ، أو كون الجمع المذكور حرجياً ، أمّا لو كان أحدهما واجباً والآخر مباحاً فلا يلتزم بتقييد الوجوب بعدم ذلك المباح ، بل يبقى ذلك الوجوب بحاله ، ويلتزم بعدم ذلك المباح ، لعدم كون إطلاق ذلك الوجوب وشموله لوجود المباح حرجياً ، إذ لم يكن الحرج آتياً من إطلاق الوجوب ، وإنّما هو آت حينئذ من ناحية المكلّف مع فرض تمكّنه من ترك ذلك المباح.
ففيما نحن فيه نقول : إنّ هذه السمكة لو كانت هي الميتة لم يكن إطلاق وجوب الاجتناب عنها وشموله لترك أكل الأُخرى حرجياً ، لفرض كون ترك الأُخرى حينئذ مباحاً ، فيمكنه أن لا يترك أكل الأُخرى ، فلا يكون وجوب الاجتناب عن هذه حرجياً. وهكذا الحال من طرف العكس ، هذا.
ولكن يمكن إتمام هذه الطريقة ـ أعني طريقة التقييد المذكور ـ بما تقدّمت
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ٥ : ٢٠٢.