الاشارة إليه ، وحاصل ذلك أن نقول : إنّ إطلاق وجوب الاجتناب عن هذه السمكة لو كانت هي الميتة وإن لم يكن في نفسه حرجياً ، إلاّ أنه بواسطة العلم الاجمالي بوجود الميتة بين هاتين السمكتين الموجب عليه الاجتناب عن كلّ منهما ، يكون إطلاق وجوب الاجتناب عن هذه السمكة لو كانت هي الميتة وشموله لصورة الاجتناب عن الأُخرى حرجياً ، بمعنى أنّه بعد العلم الاجمالي بوجود الميتة في البين ، الذي يكون مقتضاه بحكم العقل هو وجوب الاجتناب عن كلّ منهما ، وبعد فرض أنّ المكلّف يعسر عليه الاجتناب عنهما معاً نقول : إنّ هذه السمكة لو كانت في الواقع هي الميتة ، يكون إطلاق وجوب الاجتناب عنها وشموله لما إذا اجتنب عن الأُخرى حرجياً ، فنحكّم دليل العسر والحرج على ذلك الاطلاق ، ويكون محصّله هو رفع وجوب الاجتناب عن هذه عند الاجتناب عن الأُخرى ، وهكذا من ناحية العكس ، ويكون هذا التحكيم بعد العلم الاجمالي ، ويكون الفرق بين الاضطرار إلى المعيّن والاضطرار إلى غير المعيّن ، أنّه في صورة الاضطرار إلى المعيّن يكون تحكيم دليل العسر والحرج على التكليف الواقعي لو كان منطبقاً على الفرد المضطرّ إليه قبل العلم الاجمالي ، فيكون العلم الاجمالي وارداً على تكليف محكوم لدليل العسر والحرج أو تكليف غير محكوم لذلك الدليل ، بخلاف صورة الاضطرار إلى غير المعيّن ، فإنّه قبل العلم الاجمالي لو كانت الميتة هي هذه السمكة لم يكن دليل العسر والحرج وارداً وحاكماً على إطلاق وجوب الاجتناب عنها ، إذ لم يكن حينئذ ذلك الاطلاق حرجياً ، وإنّما يكون الاطلاق المذكور حرجياً بعد تحقّق العلم الاجمالي الذي مقتضاه الجمع بين الاجتنابين الذي هو حرجي.
وبالجملة : أنّ كون إطلاق التكليف حرجياً ناشئ عن لزوم الجمع ، وهو