من الأُولى ، فلو أراد أن يرتكب الثانية بعد ذلك يكون ممنوعاً بذلك العلم الاجمالي السابق الذي ألزمه بتركها ، وأوجب حرجية ترك الأُولى وسوّغ له الإقدام عليها.
وبالجملة : أنّ جواز ارتكابه للأُولى مشروط بانسداد باب وجود الثانية ، فإن كان في الواقع وفي علم الله تعالى لا يقدم على الثانية إلى آخر الأبد ، صحّ له الإقدام على الأُولى ، ويكون ارتفاع الحرمة الواقعية عن الميتة الواقعية مشروطاً بكونها حرجية ، ولا تكون حرجية إلاّبعد كونه ملزماً بترك طرفها ، فالقول بأنّ إلزامه بترك الثانية بعد الأُولى إلزام جديد خلف لكون الاجتناب عن الميتة حرجياً عليه ، لأنّ حرجية الاجتناب عنها هو عين كونه ملزماً بحكم العقل بترك طرفها ، فتأمّل فإنّ في النفس شيئاً من ذلك.
والذي يهوّن الخطب هو قلّة الجدوى لهذا المبحث ، لما عرفت من أنّ الإشكال فيه إنّما هو في الشبهات التحريمية دون الوجوبية ، ويمكننا أن نقول إنّ دليل العسر والحرج لا يجري في المحرّمات ، فيكون البحث فيها حينئذ ساقطاً بالمرّة.
أمّا الشبهات الوجوبية فهي غالباً يكون الطرفان تدريجيي الحصول ، مثل أن يعلم إجمالاً وجوب الظهر أو الجمعة ، وقد اتّفق أنّ المكلّف يعسر عليه الجمع بينهما ، فهذا العلم يؤثّر أثره من تنجّز الطرفين فيلزمه الاتيان بهما ، لكنّه عند فراغه من الجمعة مثلاً تسقط عنه الظهر ، لأنّ الواجب الواقعي إن كان هو الجمعة فقد أدّاه ، وإن كان الواجب الواقعي هو الظهر فهي في هذا الحال يعسر عليه الاتيان بها ، فيسقط وجوبها لأجل العسر والحرج.
نعم ، لو اتّفق مثل هذا العلم الاجمالي بالنسبة إلى فعلين يكون أوّلهما