التكليف في المرتبة الأُولى التي يحصل السقوط معها غايته أنّه متأخّر رتبة ، ففي المرتبة الأُولى لا علم بتكليف على كلّ حال.
بل حسبما أشار إليه في الوسيلة (١) أنّه لابدّ في تأثير العلم من مضي زمان يمكن فيه المخالفة ، فلو علم بالنجاسة بين الاناء والثوب وكان أثر نجاسة الاناء منحصراً بالشرب مثلاً ، لم يكن العلم المذكور مؤثّراً إلاّ إذا كان بعد العلم يمكنه الشرب ، فلو كان قد حصل له العلم المذكور ، وبعده بلا فصل زمان يسع الشرب اضطرّ إلى الشرب ، لم يكن العلم المذكور مؤثّراً ، فراجع وتأمّل.
قوله : وما قيل في المقام من الفرق بين تلف البعض بعد العلم والاضطرار إليه بعده ـ إلى قوله ـ واضح الفساد ، فإنّه لا فرق في تأثير العلم الاجمالي واقتضائه التنجّز بين أن يتعلّق بالتكليف المطلق الغير المحدود شرعاً ، وبين أن يتعلّق بالتكليف المردّد بين المحدود وغير المحدود مع تعدّد المتعلّق ... الخ (٢).
ينبغي أن لا يفرّق في ذلك بين علمه من أوّل الأمر بطروّ الاضطرار إلى ذلك الواحد المعيّن أو طروّ التلف عليه ، وبين عدم علمه بذلك لكن بعد مدّة اتّفق عروض الاضطرار أو عروض التلف. أمّا الثاني فواضح ، وأمّا الأوّل فلعلمه بتوجّه تكليف فعلي ، غايته أنّه مردّد بين الطويل على تقدير كونه في الطرف الذي يعلم أنّه لا يعرضه الاضطرار ، والقصير على تقدير كونه في الطرف الذي يعلم بأنّه يضطرّ إليه بعد ساعة مثلاً ، فيكون ذلك التكليف الطويل في قبال هذا التكليف القصير في مقام العلم المتعلّق بوجود أحدهما ، فأيّ منهما كان هو الواقع كان
__________________
(١) وسيلة النجاة : كد ـ كه [ لا يخفى أنّه قد رُمز للصفحات الأُولى بالحروف ].
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٩٧.