أوّلها : أن نقول باطلاق الرواية ومعقد الإجماع وشموله لجميع الشبهات غير المحصورة ، سواء كان الاجتناب عن أطرافها حرجياً أو لم يكن ، ونقول بأنّ مفاد الإجماع والرواية هو رفع التكليف في موارد الشبهة المذكورة مطلقاً.
الثاني : أن نخصّص ذلك بخصوص ما كان فيه العسر والحرج ، ونقول بأنّ المرفوع في ذلك هو نفس التكليف الواقعي لا إطلاقه.
الثالث : أن نقول بأنّ المرفوع من ذلك هو إطلاق التكليف ، فلا يسوغ لنا إلاّ ارتكاب المقدار الذي يكون ارتكابه رافعاً للعسر والحرج.
وبأيّ من هذه الوجوه أخذنا لم نكن محتاجين إلى إجراء الأصل النافي فيما ساغ لنا ارتكابه ، وذلك واضح.
ومنه يتّضح لك الحال فيما لو كانت الشبهة غير المحصورة متعلّقة بوجود المضاف في ضمن إناءات كثيرة كلّها مطلقة ما عداه ، فإنّه لا يتوقّف الإقدام على الوضوء من أحدها على إجراء الأصل ، بل لو توقّف لكان الأصل هو المنع ، لعدم إحراز الشرط. ولكن هذا المثال إنّما يكون ممّا نحن فيه لو قلنا بحرمة الوضوء من المضاف ، أمّا لو قلنا كما هو الظاهر بأنّه ليس بحرام ، غايته أنّه باطل ، فلا يكون المثال المزبور داخلاً فيما نحن فيه.
وكيف كان ، فلا يخفى أنّ هذا ـ أعني ارتفاع الحكم الواقعي الذي هو التحريم في المورد الذي ساغ لنا ارتكابه وعدم الاحتياج في ارتكابه إلى الأصل النافي ـ إنّما هو من حيث وجوب الاجتناب ليس إلاّ ، فلا يكون جواز ارتكابه موجباً لصحّة العمل ، بحيث إنّه لو تبيّن أنّ ذلك الماء الذي توضّأ به كان هو النجس أو كان هو المضاف أو كان ذلك الموضع الذي سجد عليه هو النجس ، لم يكن ما حكمنا به أوّلاً من جواز الإقدام عليه موجباً لصحّة الوضوء أو الصلاة ، بل