لابدّ من أخذ ذلك ـ أعني الحكم بصحّة الوضوء أو الصلاة ـ من دليل آخر إن كان ، وإلاّ كان اللازم هو الاعادة ، ولا منافاة بين الحكم بالفساد ولزوم الاعادة ، وبين ما حكمنا به أوّلاً من جواز الإقدام وارتفاع الحكم بوجوب الاجتناب بلا حاجة إلى الأصل العملي.
ثمّ لا يخفى أنّا لو قلنا بالوجه الثالث لكان جارياً في الشبهات الوجوبية التي لا يمكن فيها الجمع بين المحتملات ، سواء كان من جهة كثرتها أو كان من جهة أُخرى غير الكثرة.
أمّا الوجه الثاني ، فإن استندنا فيه إلى حديث نفي العسر والحرج ، كان أيضاً جارياً في الشبهات الوجوبية ، وإن استندنا فيه إلى الإجماع أو الرواية الشريفة ، فالظاهر انحصار موردهما في الشبهات التحريمية دون الوجوبية. وهكذا الحال في الوجه الأوّل.
ولم أعثر في كلمات الجماعة المارّ ذكرهم على إشارة إلى حال الشبهة الوجوبية غير المحصورة ، بل ظاهر كلماتهم متّجه نحو الشبهات التحريمية ، ولكن الشيخ قدسسره قد تعرّض لذلك في التنبيه الخامس من تنبيهات مسألة الشبهة الوجوبية الموضوعية المتردّدة بين المتباينين (١) ، وسيأتي إن شاء الله تعالى التعرّض لذلك في كلام شيخنا الأُستاذ قدسسره (٢). هذا غاية ما أمكنني تنقيحه في مفاد هذا الإجماع والرواية الشريفة.
ولكنّ في النفس شيئاً من ذلك ، فإنّ تنزيل الإجماع المزبور والرواية
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٣٠٨.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٤١ ـ ١٤٢ ، وللمصنّف قدسسره حاشيتان على ذلك إحداهما في الصفحة : ٢٢٣ والأُخرى هي الحاشية الثانية في الصفحة : ٢٤٣.