الشريفة على سقوط التحريم واقعاً بعيد يأباه الذوق ، فإنّ لازمه كون الشبهة غير المحصورة أقوى تأثيراً من الشبهة البدوية ، فإنّ الرفع في الشبهة البدوية لا يكون إلاّ ظاهرياً ، فكيف نقول إنّه في الشبهة غير المحصورة يكون واقعياً. بل ربما كانت الشبهة البدوية مورداً للأُصول المثبتة للتكليف مثل أصالة عدم التذكية ، ولو كانت الشبهة غير محصورة كما لو كانت ذبائح غير محصورة كلّها مذكاة إلاّواحدة منها ميتة ، فإنّ الالتزام فيها برفع حرمة الميتة واقعاً مع أنّها لو كانت شبهة بدوية لكانت مجرى أصالة عدم التذكية ، ممّا يأباه الذوق السليم.
مضافاً إلى أنّه لو كان الرفع واقعياً ، وكان مفاده إثبات الحلّية الواقعية ، لكان مقتضاه الصحّة ولو انكشف الخلاف بحيث إنّه لو تبيّن لمرتكب أحد أطراف الشبهة غير المحصورة ، بأن توضّأ فانكشف له أنّه كان ذلك الماء هو النجس أو المضاف ، أو اشترى أو باع فانكشف له أنّ ذلك الذي اشتراه أو باعه كان هو الميتة ، كان وضوءه وبيعه وشراؤه صحيحاً ، وهذا أيضاً ممّا يأباه الذوق.
وما ذكرناه من أنّ الرفع والسقوط إنّما يتوجّه إلى نفس الحكم التكليفي مع بقاء الحكم الوضعي بحاله ، لا يكاد يجتمع مع قوله عليهالسلام في الرواية المشار إليها (١) : « وما لم تعلم فاشتر وبع وكل » ، فإنّ ظاهره هو الحكم بصحّة البيع والشراء ، فلابدّ حينئذ من الحمل على السقوط الظاهري ليكون صحّة البيع والشراء ظاهرية لا واقعية.
نعم ، يتوجّه على الالتزام في الرواية والإجماع بالترخيص الظاهري ، أنّه لا يجتمع مع العلم الاجمالي بالتكليف المنجّز كما حرّرناه في بعض مباحث العلم
__________________
(١) في الصفحة : ١٦٧ ، وسيأتي ذكرها في هامش الصفحة : ٢٠٠.