الاجمالي من مباحث القطع (١) ، وأنّ الترخيص ولو في بعض الأطراف لا يجتمع مع العلم الاجمالي بالتكليف ، وحقّقنا هناك أنّ تنزيل ذلك الترخيص على جعل البدل لا يتأتّى في الأُصول النافية للاشتغال ، بل إنّما يتأتّى في الأُصول الجارية في وادي الفراغ مثل قاعدة التجاوز والفراغ ، أمّا مثل أصالة البراءة أو قاعدة الحل والطهارة ، فلا يكون مفادها إلاّنفي الاشتغال ، فلا تجري في مورد العلم بالاشتغال.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الترخيص فيما نحن فيه ليس هو مفاد البراءة أو مفاد قاعدة الطهارة أو الحل أو حديث الرفع ونحو ذلك ممّا يرجع إلى نفي الاشتغال ، بل هو أصل آخر غير تلك الأُصول ، يكون مفاده الاكتفاء في امتثال ذلك التكليف المعلوم بترك جملة من أطرافه ، ويكون مفاد هذا الأصل هو جواز الارتكاب لجملة من الأطراف ، لا لأجل الأُصول النافية فيها ، لأنّه ربما كان الأصل في كلّ واحد من تلك الأطراف مثبتاً للتكليف ، كما في موارد الشبهة بالماء المضاف ، وكما في موارد الشبهة في الميتة مع فرض عدم السوق ، بأن كان هناك ذبائح غير محصورة مع فرض العلم بأنّ بعضها ميتة ، مع فرض عدم كونها في سوق المسلمين ولا تحت يد المسلم ، ونحو ذلك ممّا يكون أطرافه في حدّ نفسها مجرى للأصل المثبت.
والحاصل : أنّ هذا الأصل الجاري في أطراف الشبهة غير المحصورة المستفاد من الرواية والإجماع المذكورين يكون فوق الأُصول الكلّية الجارية في الشبهات البدوية ، بل هو أصل مستقل برأسه ، ويكون المصحّح لجعله في مورد العلم الاجمالي هو كونه راجعاً إلى جعل البدل واكتفاء الشارع في اجتناب ذلك
__________________
(١) راجع المصادر المشار إليها في هامش الصفحة : ١٦٩.