من الأطراف يناقض العلم بوجود المحرّم بينها ، فإنّ العلم بالموجبة الجزئية لا يجتمع مع الظنّ بالسالبة الكلّية. نعم يتصوّر ذلك إذا لاحظنا كلّ واحد من الأطراف مع الذهول عن الآخر كما في التدريجيات ، أمّا في الدفعيات والالتفات إلى جميع الأطراف فلا يمكن القول بأنّ كلّ واحد منها يكون مظنون العدم مع العلم بالوجود إجمالاً ، فإنّ ذلك ينتهي إلى اجتماع العلم بالموجبة الجزئية مع الظنّ بالسالبة الكلّية ، انتهى ما حرّرته عنه قدسسره.
وهذا الإشكال موجود في درر المرحوم الشيخ عبد الكريم اليزدي قدسسره فإنّه بعد أن وجّه سقوط الاحتياط بضعف الاحتمال بحيث لا يعتني به العقلاء ويجعلونه كالشكّ البدوي ، فيكون في كلّ طرف يقدم عليه الفاعل على الارتكاب طريق عقلائي على عدم كون الحرام فيه. وبعد أن أفاد أنّ هذا التوجيه أحسن ممّا أفاده الشيخ قدسسره من كون الضرر موهوماً ، لأنّ العقوبة ولو كانت موهومة لا يكون العقل حاكماً بجواز الإقدام عليها ما لم يحصل القطع بعدمها ، قال : لكن فيما ذكرنا أيضاً تأمّل ، فإنّ الاطمئنان بعدم الحرام في كلّ واحد بالخصوص كيف يجتمع مع العلم بوجود الحرام بينها وعدم خروجه عنها ، وهل يمكن اجتماع العلم بالموجبة الجزئية مع الظنّ بالسلب الكلّي (١) ، انتهى كلامه قدسسره.
__________________
(١) قال المرحوم في درره : فنقول : غاية ما يمكن أن يقال في وجه عدم وجوب الاحتياط : هو أنّ كثرة الأطراف توجب ضعف احتمال كون الحرام مثلاً في طرف خاصّ ، بحيث لا يعتني به العقلاء ويجعلونه كالشكّ البدوي ، فيكون في كلّ طرف يقدم الفاعل على الارتكاب طريق عقلائي على عدم كون الحرام فيه. وهذا التقريب أحسن ممّا أفاده شيخنا المرتضى قدسسره من أنّ وجه عدم وجوب الاحتياط كون الضرر موهوماً ، فإنّ جواز الإقدام على الضرر الأُخروي الموهوم لو سلّم لا يوجب القطع