الوجود العلمي للأمر وعدم التحرّك عنه. ولا يقاس ما نحن فيه بما لو احتمل على نحو الشبهة البدوية وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، واحتمل أيضاً على نحو الشبهة البدوية وجوب صلاة أوّل الشهر ، وكان ذلك قبل الفحص ، ولكن لا يمكنه الفحص فعلاً لأنّ الوقت لا يسع ذلك ، فإنّه حينئذ يجب عليه الاحتياط بفعل كلّ من الدعاء وصلاة أوّل الشهر ، لكن لا ربط لأحدهما بالآخر بحيث إنّه عند الأوّل ينوي أن يأتي بالثاني ، وذلك للفرق الواضح بين هذا المثال وما نحن فيه ، لأنّه في هذا المثال لا يعلم بوجود أمر يلزمه التحرّك عنه ، بخلاف ما نحن فيه ، فتأمّل.
ثمّ إنّه يمكن أن يدّعى أنّ جريان ما ذكرناه في الشبهة الموضوعية كما في تردّد القبلة أولى وأوضح منه في الشبهات الحكمية كما في الظهر والجمعة ، فلاحظ وتدبّر.
قوله : الأمر الرابع : لا إشكال في أنّ الاستصحاب وارد على قاعدة الاشتغال والبراءة ، سواء توافقا في المؤدّى أو تخالفا ... الخ (١).
لا إشكال في ورود الاستصحاب على قاعدة الاشتغال لو تخالفا ، وكذا في وروده على البراءة لو تخالفا أيضاً ، وإنّما الإشكال في صورة التوافق ، كما في مورد استصحاب عدم الحكم بالنسبة إلى البراءة ، وكما في مورد استصحاب الحكم بالنسبة إلى قاعدة الاشتغال. والضابط في عدم جريان الاستصحاب في مثل هذه الموارد هو أنّه إذا لم يترتّب على المستصحب إلاّنفس مفاد البراءة العقلية أو نفس قاعدة الاشتغال ، لم يكن الاستصحاب جارياً ، وذلك كما نحن فيه فيما لو أُريد من استصحاب بقاء القدر المشترك بين وجوب صلاة الظهر ووجوب
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٢٩.