صلاة الجمعة ، هو لزوم الاتيان بالجمعة بعد الفراغ من صلاة الظهر تحصيلاً للفراغ اليقيني ، فإنّه لا يكون الاستصحاب في مثل ذلك إلاّمن قبيل التعبّد بوجود ما هو محرز بالوجدان.
وبالجملة : إن أُريد من الاستصحاب المذكور هو الحكم بوجوب صلاة الظهر كان من الأُصول المثبتة ، وإن أُريد منه لزوم الاتيان بها لأنّ ذلك هو مقتضى بقاء القدر المشترك بين الوجوبين ، بحيث إنّه لا يترتّب على بقاء القدر المشترك بين الوجوبين إلاّلزوم الاحتياط بالاتيان بصلاة الظهر لاحتمال كونها هي الواجبة ، فهذا هو ما ذكرناه من كونه من قبيل الاحراز التعبّدي لما هو محرز بالوجدان.
وهكذا الحال في مقابلة استصحاب عدم الوجوب بالبراءة العقلية ، فإنّه لا ريب في حكومته عليها ، كما لو شكّ المكلّف في توجّه تكليف عليه لأجل الشكّ في صدور سببه أو تحقّق شرطه مع فرض عدم جريان الأصل في السبب أو الشرط ، فإنّه يجري فيه استصحاب عدم الوجوب ويكون الوجوب محكوماً بالعدم ، فلا يبقى معه مورد للبراءة العقلية. نعم ، إذا فرض أنّه لم يترتّب على استصحاب العدم إلاّمجرّد حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، لم يكن الاستصحاب المذكور جارياً ، لكونه من قبيل إحراز ما هو وجداني بالتعبّد كما تقدّم ويأتي إن شاء الله في مسألة الأقل والأكثر (١) من عدم جريان استصحاب عدم التكليف الثابت في حال الصغر ، فراجع وتأمّل.
ومن هذا القبيل استصحاب عدم الحجّية ، فإنّه لا يترتّب عليه إلاّحكم العقل بقبح التشريع ، الذي يكون موضوعه مجرّد عدم الاحراز الذي هو الأعمّ من
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٨٦ ـ ١٨٨.