إحراز العدم ، بناءً على ما تقدّم في محلّه (١) من كون حكم العقل بقبح التشريع من قبيل ذي الملاك الواحد ، إذ لو كان من ذي الملاكين ، بأن كان للعقل حكم واقعي في مورد إحراز عدم الحجّية وحكم احتياطي في مورد عدم الاحراز ، لكان استصحاب عدم الحجّية جارياً وموجباً لحكم العقل بالقبح حكماً واقعياً ، وبه يرتفع موضوع حكمه الطريقي الاحتياطي الذي يكون موضوعه عدم الاحراز.
قوله : فإنّه لو أُريد من الاستصحاب استصحاب شخص التكليف المعلوم بالاجمال ، فقد عرفت في الأمر الأوّل أنّ الاستصحاب الشخصي لا يجري مع العلم بزوال أحد فردي المردّد ، لأنّ الشكّ فيه يرجع إلى الشكّ في حدوث الفرد الباقي ، لا في بقاء الفرد الحادث على ما تقدّم بيانه ، وإلاّ لزم ترتيب آثار بقاء الفرد المردّد على ما هو عليه من الترديد ، ولازم ذلك هو وجوب الاتيان بكلّ ... الخ (٢).
الأولى أن يقال : إنّه إن أُريد من استصحاب شخص التكليف استصحاب بقاء نفس وجوب صلاة الظهر ، بحيث إنّه يترتّب عليه الاتيان بها بداعي وجوبها المحرز بالاستصحاب ، ففيه أنّ الشكّ إنّما هو في حدوث وجوبها لا في بقائه. وإن أُريد منه استصحاب الشخص المردّد بين الوجوبين ، ففيه أنّ الشخص لم يكن متيقّناً ، لأنّ الخصوصية خارجة عن حيّز اليقين ، وإنّما المتيقّن هو عنوان أحدهما ، وإن كان لا ينفكّ عن الخصوصية ، لكن لمّا لم تكن الخصوصية البدلية داخلة في حيّز اليقين لم تكن داخلة في المنع عن نقض اليقين.
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٥٩ ـ ٣٦١.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٣١.