ذلك لا يجري فيها حديث الرفع ، لا يمكن إتمامه ، لما عرفت من أنّ سببية الأكثر غير معلومة كوجوب الأكثر ، فلا يكون عدم جريان حديث الرفع فيها لكونها معلومة (١) ، بل إنّما لا يجري فيها لأنّ رفع سببية المجموع بنفسه لا يثبت سببية الأقل ، وكذلك إذا أُريد من رفعها رفع ما ينشأ عنها وهو جزئية الجزء المشكوك ، فلاحظ وتأمّل. وما أُفيد في الحاشية من أنّ سببية الأقل معلومة أيضاً ، لا يمكن إتمامه ، لما عرفت من عدم معلومية جعل السببية للأقل.
قوله : الفصل الثاني : في دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الشبهات التحريمية ، إلى آخر ما في الفصل الثالث (٢).
قد تحرّر في باب العموم والخصوص الفرق بين العموم الاستغراقي والعموم المجموعي بما محصّله وحدة الطلب في العموم المجموعي وتعدّده حسب تعدّد الأفراد في العموم الاستغراقي ، ولازم ذلك هو عدم الارتباط في العموم الاستغراقي والارتباط في العموم المجموعي. أمّا المركّب والعدد فإن أُخذت الأجزاء والآحاد فيهما على نحو العموم الاستغراقي كانت غير ارتباطية ، وإن أُخذت على نحو العموم المجموعي كانت ارتباطية ، وحيث قد رجع الأمر في الواجبات غير الارتباطية إلى أوامر متعدّدة لا ربط بينها في مقام الاطاعة والمعصية ، وأنّ حالها حال العمومات الاستغراقية ، يتّضح لك جلياً صحّة الرجوع إلى البراءة فيما عدا المقدار المعلوم ، فإنّه يكون من قبيل العلم بأنّه قد وجب عليه الصوم والصلاة والزكاة وغيرها من الواجبات القطعية والشكّ في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، من دون حاجة في ذلك إلى دعوى الانحلال ، إذ لا يكون علم
__________________
(١) [ في الأصل : غير معلومة ، والصحيح ما أثبتناه ].
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٤٨ ـ ١٥٠.