بالبراءة ، فلاحظ وتأمّل.
أمّا لو كان الشكّ في الأقل والأكثر في النحو الثاني بأن احتملنا كون الكذب مطلوب الترك في باب الصوم ، أو احتملنا أنّ تلك التروك مطلوبة فيما بين غروب الشمس وذهاب الحمرة المشرقية ، كان ذلك المشكوك زائداً على المقدار المتيقّن ، وكان وجوبه أو حرمة الفعل مشكوكة في ذلك ، ويكون المرجع هو البراءة ، وكان الأقل هو القدر المتيقّن ، ويكون حاله حال الواجب المركّب المردّد الأجزاء بين الأقل والأكثر ، فمن توقّف في إجراء البراءة في الشبهات الوجوبية المردّدة بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، ينبغي أن يتوقّف في إجرائها في الشبهات التحريمية التي يكون عمومها مجموعياً إذا كانت على النحو الثاني.
ويمكن أن يقال : إنّ النحو الأوّل أيضاً كذلك ، وإن كان الالحاق لا يخلو عن خفاء ، لأنّ ترك الأكثر الذي هو تمام الأرغفة الصغار والكبار منها ليس بداخل في ضمن ترك الكبار فقط. نعم إنّ ترك مجموع الكبار والصغار ملازم لترك خصوص الكبار ، وحينئذ فمن توقّف في إجراء البراءة في الأكثر في باب الواجبات الارتباطية ، لا يلزمه التوقّف في ذلك في هذا النحو من العمومات المجموعية في باب النواهي.
ومن ذلك يتّضح لك : أنّ النحو الثاني (١) هو الذي ينطبق عليه ضابط التحريم الارتباطي ، أعني كون تحريم الأقل الذي هو تحريم ما عدا الكذب مثلاً داخلاً في تحريم الأكثر الذي هو تحريم المجموع حتّى الكذب. ومنه ينقدح الخدشة في قوله في هذا التقرير : والأمثلة التي تخطر بالبال لا تنطبق على هذا المعنى (٢) ، فإنّه قد
__________________
(١) [ في الأصل : النحو الأوّل ، لكن سياق العبارة يقتضي ما أثبتناه ].
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٤٩.