ظهر لك أنّ أمثلة التحريم المجموعي الذي يكون على النحو الثاني كلّها ممّا ينطبق عليها الضابط المذكور ، وأمثلته في باب النذر كثيرة إن لم نقل إنّ باب تروك الصوم من هذا القبيل ، والشاهد على ذلك هو ما حكموا به من انحلال النذر والعهد واليمين المتعلّقة بالتروك بأوّل مخالفة ، فراجع الجواهر (١) والمسالك (٢) فيما لو حلف على ترك الدخول في الدار ودخلها نسياناً أو إكراهاً ، بل صرّح بعض محشّي الروضة ـ وهو الشيخ أحمد (٣) ـ بأنّه لم يظهر الخلاف من أحد في انحلال هذه الثلاثة بالمخالفة. ولا يخفى أنّ ذلك لا يتمّ إلاّعلى التنزيل على العموم المجموعي على النحو الثاني ، فتأمّل. بل يظهر من بعضهم أنّ العموم في الايجاب يكون مجموعياً ، وسننقل كلمات بعضهم في آخر المبحث إن شاء الله تعالى.
وبالجملة : أنّ أمثلة النهي المجموعي على النحو الثاني أمثلة متصوّرة معقولة وكثير منها واقع في الفقه ، فراجع ما أفاده الأُستاذ قدسسره في رسالة المشكوك المطبوعة في النجف (٤).
وأمّا مثال تحريم تصوير الحيوان فليس هو من هذا القبيل ، بل هو من النحو الأوّل من النهي المجموعي ، الذي عرفت أنّ ترك القدر المتيقّن وهو تصوير تمام الصورة ليس بداخل في ترك تصوير بعض الصورة ، نعم هو ملازم له.
لكن يمكن أن يقال : إنّ تحريم تصوير تمام الصورة داخل في تحريم
__________________
(١) جواهر الكلام ٣٥ : ٣٣٩ ـ ٣٤٠.
(٢) مسالك الأفهام ١١ : ٢٨٩.
(٣) تأتي عبارته قدسسره في الصفحة الآتية.
(٤) رسالة الصلاة في المشكوك : ١٩٠ وما بعدها ، وكذا راجع الصفحة : ٢٨٤.