لا؟ يظهر من كلام الأصحاب انحلالها ، فلو خالف مقتضاها بعد ذلك لم يحنث ، لأنّ المخالفة قد حصلت والمخالفة لا تتكرّر. ويحتمل أن تبقى اليمين ، لأنّ الاكراه والنسيان لم يدخلا تحتها ، لما قلناه ، فالواقع بعد ذلك هو الذي تعلّقت به اليمين ، والأوّل أقرب (١). وظاهره اختصاص الخلاف أو الوجهين في خصوص المخالفة لعذر ، دون المخالفة عن عمد ، لأنّ منشأ احتمال عدم الانحلال في موارد العذر هو احتمال عدم كون ما صدر مشمولاً لليمين ، وحينئذ يستفاد منه أنّ المخالفة لو كانت عن عمد لا إشكال في انحلال اليمين فيما بعدها ، إذ لا إشكال في كون تلك المخالفة مشمولة لليمين.
وفي الجواهر في شرح قول الماتن : « لا يتحقّق الحنث بالاكراه ولا مع النسيان ولا مع عدم العلم » بعد أن نقل كلام المسالك في أنّ اليمين هل تنحل بذلك كما تنحل بالعمد ، أو لا تنحل لعدم دخول الثلاثة تحتها ، قال : وعدم الحنث الذي يترتّب عليه الكفّارة باعتبار ظهور أدلّتها في غير الفرض لا يقتضي عدم اندراج هذه الأفراد في متعلّق اليمين ، فالأقوى حينئذ الانحلال (٢) ، والله العالم.
قوله : أمّا في الأسباب العادية والعقلية فواضح ، فإنّ المجعول الشرعي فيها ليس إلاّ المسبّب ولا شكّ فيه ، والمشكوك فيه ليس من المجعولات الشرعية ، ولا تناله يد الوضع والرفع التشريعي ـ إلى قوله ـ وأمّا في الأسباب الشرعية كالغسلات في باب الطهارة الحدثية والخبثية ... الخ (٣).
لا يخفى أنّ الأسباب الشرعية إنّما كانت أسباباً شرعية باعتبار كون المسبّب
__________________
(١) القواعد والفوائد ٢ : ٢٠٧ ـ ٢٠٩.
(٢) راجع جواهر الكلام ٣٥ : ٣٣٨ ـ ٣٤٠.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ١٤٤ ـ ١٤٥.