سقوطه بذلك ، لا من جهة عدم حصول متعلّقه ، وإلاّ لكان البعث إلى الأقل ممكناً مع الاتيان به ، ومن الواضح امتناع ذلك ، بل إنّما يكون عدم السقوط من جهة عدم حصول الأجزاء الزائدة.
وبالجملة : فعدم امتثال الأكثر تارةً يكون لعدم الاتيان بالأقل والأكثر جميعاً ، وتارة يكون لعدم الاتيان بالمقدار الزائد وإن أتى بالأقل ، ففي صورة الاتيان بالأقل لا يكون نقصان في ناحية الأقل ، وإنّما النقصان من جهة عدم الاتيان بذلك المقدار الزائد ، وحينئذ ففيما نحن فيه من العلم الاجمالي المردّد بين الأقل والأكثر ، بعد فرض الانحلال وكون الأقل معلوم الوجوب تفصيلاً ، لا يحكم العقل إلاّبالفراغ اليقيني عن الأقل الذي علم اشتغال الذمّة به ، فإنّ ذلك موجب لسقوطه. انتهى ما حرّرته عنه سلّمه الله. وقد أوضح ذلك قدسسره في مقالتيه في مسألة التعبّدي والتوصّلي (١) ، وفي مبحث الأقل والأكثر ، فراجع (٢).
ولا يخفى أنّ الحجر الأساسي في هذه المقدّمات إنّما هو المقدّمة الثانية الراجعة إلى دعوى انحصار المائز بين الارتباطيات وغيرها في أنّ الارتباطيات يكون الوجوب فيها واحداً ، وفي غيرها يكون متعدّداً ، وأنّ الارتباطية لا توجب تقييد كلّ جزء بالانضمام إلى الجزء الآخر ، وأنّ عدم سقوط الواجب الارتباطي فيما لو أتى به فاقداً لبعض الأجزاء إنّما هو من جهة عدم امتثال الأمر الضمني المتعلّق بذلك المفقود ، لا من جهة أنّه لم يأت بالمأمور به أصلاً ، وإلاّ كان اللازم عليه التكرار ، بل من جهة أنّ عدم سقوط الأمر المتعلّق بالباقي يوجب عدم سقوط الأمر بذلك المقدار الذي قد أتى به ، لأجل الملازمة بين الوجوب من حيث
__________________
(١) مقالات الأُصول ١ : ٢٤٥ ـ ٢٤٦.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٢٦١ ـ ٢٦٢.