الحدوث والبقاء.
ولكن الظاهر أنّ هذه المقدّمة لا يمكن إثباتها ، لأنّ المأتي به إذا لم يكن فيه خلل لا يعقل عدم سقوط أمره ، فإنّ الاتيان بمتعلّق الأمر علّة تامّة لسقوطه ، فلا يعقل بقاؤه ما لم يكن الباقي قيداً في صحّة المأتي به.
ولا يخفى أنّ جهة التلازم بين الوجوبين في مرحلة الحدوث والبقاء وإن أوجبت توقّف سقوط الوجوب عمّا أتى على الاتيان بالباقي ، إلاّ أن هذه الجهة ـ أعني جهة التلازم بين الوجوبين ـ لمّا كانت ناشئة عن وحدة الوجوب الناشئة عن وحدة المتعلّق ، التي ليست هي إلاّ اعتبار كون مجموع تلك الأجزاء شيئاً واحداً الذي ليس هو إلاّعبارة عن كون كلّ من الأجزاء مقيّداً بوجود الجزء الآخر ، كان الأمر بالأخرة منتهياً إلى أنّ المنشأ في عدم سقوط الوجوب عمّا أتى به هو كون كلّ من تلك الأجزاء مقيّداً بالباقي.
وبالجملة : أنّ الارتباطية توجب تقييد بعض الأجزاء ببعض ، بحيث إنّه يكون فقدان المركّب لبعض الأجزاء موجباً للنقص بالأجزاء الموجودة على وجه لا تكون مسقطة للأمر المتعلّق بها نفسها ، وغاية ذلك هو أن يكون المتأخّر من الأجزاء شرطاً في صحّة المتقدّم ، فيكون كسائر ما ظاهره من قبيل الشرط المتأخّر حتّى أنّ بعض الأساطين التزم بأنّ امتثال الأمر المتعلّق بمجموع الصلاة لا يكون إلاّ عند الفراغ من ميم السلام عليكم ، وقد تعرّض لذلك شيخنا الأُستاذ الأعظم قدسسره في بعض مباحث الواجب المعلّق والمشروط (١).
ومن ذلك يتّضح أنّ الارتباطية بهذا المعنى من تقييد بعض الأجزاء ببعض
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد الثاني من هذا الكتاب في الصفحة : ٩٣ وما بعدها ، وكذا راجع المجلّد الثالث من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٥ وما بعدها.