وعدم سقوط الأمر المتعلّق بالأوّل إذا لم يأت بالثاني ، لا يوجب التكرار في الأوّل بل إنّ الأمر المتعلّق بالأوّل يكون سقوطه معلّقاً على الاتيان بالثاني ، كما هو الشأن في كلّ ما يكون الثاني شرطاً في الأوّل.
ثمّ لا يخفى أنّا لو التزمنا بما أفاده من معنى الارتباطية ، الذي هو التلازم بين الوجوبين في مرحلة الحدوث والبقاء ، من دون أن يكون الجزء الخامس شرطاً في الأجزاء الأربعة ، لم نتخلّص من الشبهة ، إذ لا يكون الاقتصار على الأقل إلاّمن قبيل الشكّ في سقوط الأمر المتعلّق بذلك الأقل ، لأنّ المفروض أنّه لو كان الخامس واجباً في الواقع ، لكان الأمر بالأربعة عند عدم الاتيان به باقياً بحاله لم يسقط إلاّعند الاتيان بالخامس.
ثمّ إنّك حيث قد عرفت أنّ الارتباطية توجب تقييد كلّ من الأجزاء بالبواقي يتّضح لك أنّ الارتباطية في الأجزاء محتاجة إلى تصرّفين : أحدهما جعل وجوب الجزء أو جعل الجزء ، والآخر جعل وجوب الارتباط بين هذا الجزء وبين غيره من الأجزاء ، أو جعل شرطية الارتباط المذكور ، من دون فرق في ذلك بين أن يتصدّى ابتداءً لجعل شرطية الارتباطية ، أو أنّه يعلّق به الأمر الشرطي ، أو أنّه يأمر بالمركّب الواجد لذلك الشرط ، أو أنّه يكون منتزعاً من جعل الوجوب الواحد وارداً على تمام الأجزاء المنظورة بعنوان الوحدة ، أو غير ذلك من الطرق التي ينتزع منها الشرطية.
والحاصل : أنّ كلّ واحد من أجزاء الواجب الارتباطي يتحمّل تكليفين : التكليف المتعلّق به في ضمن الكل ، والتكليف المتعلّق بربطه بباقي الأجزاء وربط باقي الأجزاء به ، بحيث يكون الجزء مأموراً به من حيث نفسه ولو ضمناً ، ومأموراً به من حيث إنّ وجوده يكون شرطاً في صحّة باقي الأجزاء.