نعم ، إنّ ما هو الشرط في الواجبات الارتباطية مثل الطهارة في حال الصلاة مثلاً لا يتحمّل إلاّوجوباً واحداً ، وهو وجوبه من حيث إنّ وجوده يكون شرطاً في صحّتها ، وذلك هو عين الارتباطية.
وحاصل الفرق : أنّ وجوب الجزء لمّا لم يكن عين الارتباطية ، كانت ارتباطيته محتاجة إلى جعل آخر ، أمّا وجوب الشرط فإنّه لمّا كان عين الارتباطية لم يكن محتاجاً إلى جعلين.
ولا يخفى أنّ عمدة النظر في المقام إنّما هو إلى جعل الارتباطية ، الذي هو الجعل الثاني في الأجزاء والجعل الوحيد في الشرائط ، فإنّ هذا الجعل والتقييد هو المنشأ في الإشكال السابق ، أعني كون المقام من قبيل الشكّ في الامتثال ، وأنّه لا يسوّغ لنا العقل الموافقة بالاحتمال بعد إحراز الشغل اليقيني على ما عرفت تفصيله في الشبهة المتقدّمة.
وحينئذ نقول بعونه تعالى في حلّ الشبهة المرقومة : إنّ الواجب الارتباطي المردّد بين كونه أربعة أجزاء أو خمسة أجزاء ، لو كان في الواقع مركّباً من خمسة أجزاء ، يكون الجزء الخامس واجباً بوجوبين : أحدهما الجزئي المعبّر عنه بالوجوب النفسي الضمني ، والآخر الوجوب الشرطي المعبّر عنه بالوجوب الغيري المقدّمي ، بل يمكن القول بأنّ الوجوب الثاني أيضاً وجوب نفسي على ما حقّقه الأُستاذ قدسسره في مبحث مقدّمة الواجب (١) من كون الشروط ممّا يترشّح عليها الوجوب النفسي.
ولا يخفى أنّ الوجوب الثاني للجزء المذكور وإن كان بعد فرض الارتباطية
__________________
(١) راجع مبحث الواجب النفسي والغيري في أجود التقريرات ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، وراجع أيضاً المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٩٦ وما بعدها.