بين جميع الأجزاء ملازماً للوجوب الأوّل ، إلاّ أنه ليس بمسبّب عنه ، بل يكون كلّ منهما معلولاً للملاك الذي اقتضى تعلّق الوجوب الجزئي بالخامس ، وتعلّق الوجوب الشرطي الذي محصّله تقييد الأربعة بوجود الخامس ، وحينئذ نقول : إذا علمنا تفصيلاً بوجوب الأربعة ، يكون تقييد تلك الأربعة بوجود الخامس واشتراطها بوجوده مشكوكاً ، فيكون مورداً لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، كما يكون الوجوب النفسي لذلك الخامس أيضاً مشكوكاً ومورداً لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ودعوى أنّ العلم التفصيلي بوجوب الأربعة يوجب حكم العقل بلزوم الفراغ اليقيني منها ، وإن كانت مسلّمة لا إشكال فيها ، إلاّ أن ذلك الحكم العقلي بلزوم اليقين بالفراغ منها إنّما يكون بمقدار ما قامت الحجّة باشتغال الذمّة به ، وليس هو إلاّنفس ذات الأربعة دون تقيّدها بالخامس ، إذ لم يكن المعلوم التفصيلي إلاّوجوب ذات الأربعة ، وأمّا تقيّدها بالخامس فلم يكن إلاّمشكوكاً.
وإن شئت قلت : إنّ ذلك العلم التفصيلي المتعلّق بوجوب ذات الأربعة لا يقتضي بحكم العقل أزيد من لزوم الاتيان بها والمنع من تركها بنفسها ، أمّا تركها بترك قيدها مع فرض الاتيان بها بنفسها فلم تقم الحجّة على المنع عنه ، فيكون العقاب على تركها بترك ذلك القيد مع فرض الاتيان بها بذاتها عقاباً بلا بيان. وإن شئت قلت : إنّ العقاب على ترك ذلك القيد يكون بلا بيان.
والحاصل : أنّ جهة تقيّد الأربعة بوجود ذلك الخامس لمّا كانت شرعية ناشئة عن جعل الشارع ، وكانت تلك الجهة مستتبعة للعقاب ، فمع فرض كونها مشكوكة يكون العقاب على مخالفتها عقاباً بلا بيان ، ولا يكفي في بيانها وقيام الحجّة عليها العلم التفصيلي بوجوب الأربعة ، فإنّ العلم التفصيلي وإن اقتضى