بوجوب ذلك القدر المشترك ـ أعني الماهية لا بشرط المقسمي ـ لا يعقل أن يكون موجباً لانحلال العلم الاجمالي المردّد بين وجوب الأكثر الذي هو الماهية بشرط شيء ووجوب الأقل الذي هو الماهية لا بشرط القسمي ، فإنّ العلم بوجوب الماهية لا بشرط المقسمي عبارة أُخرى عن العلم الاجمالي المردّد بين القسمين ، فكونه موجباً لانحلاله عبارة أُخرى عن كون العلم الاجمالي موجباً لانحلال نفسه.
وبعبارة أُخرى : أنّ انحلال العلم الاجمالي الذي هو قضية منفصلة عبارة عن انحلاله إلى قضية حملية متيقّنة وأُخرى مشكوكة ، ومن الواضح أنّ ما نحن فيه لم يكن كذلك ، بل هو تخيّل انحلال ، وإلاّ فواقع الأمر أنّ القضية المتيقّنة المتخيّل كونها معلومة بالتفصيل وهي وجوب الأقل لا بشرط المقسمي ، هي عين تلك القضية المنفصلة القائلة إنّ الواجب إمّا الأقل بشرط شيء أو الأقل لا بشرط القسمي ، هذا غاية توضيح ما أفاده قدسسره.
وأنت بعد أن عرفت منه قدسسره أنّ المدار في الانحلال على الواقع لا على اختلاف اللحاظات ، وأنّ تباين هذه اللحاظات لا يوجب تباين الأقل لنفسه ملحوظاً لا بشرط المقسمي أو لا بشرط القسمي أو بشرط شيء ، فإذا علمنا بأنّ ذات الأقل التي هي الأربعة قد طرأ عليها الوجوب ، وتردّدنا في أنّها في مرتبة طروّه عليها كانت ملحوظة لا بشرط ، أو كانت مقيّدة بشيء وهو الخامس ، لم يكن ذلك التردّد موجباً لخلل في كون وجوب تلك الأربعة معلوماً لدينا بالتفصيل كيف ما كانت ملحوظة ، وحينئذ يلزمنا أن ننظر في تلك اللحاظات ، فإن كانت متباينة في مقام إلقاء الكلفة على المكلّف ، بحيث كان كلّ واحد منها متضمّناً لالقاء الكلفة عليه بغير الكلفة التي يلقيها اللحاظ الآخر ، كما لو كان أحد اللحاظين