اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ العقاب على تلك الكلفة الزائدة وإن كان قبيحاً لكونه بلا بيان ، إلاّ أن الأربعة المهملة قد اشتغلت الذمّة بها ، فنحتاج إلى اليقين بالفراغ عنها ، فالعقاب المحتمل إنّما هو على عدم الاتيان اليقيني بما اشتغلت به الذمّة يقيناً ، وعدم العقاب على تلك الكلفة الزائدة لا يوجب اليقين بالفراغ ، فتأمّل جيّداً فإنّا قد أجبنا عن هذا الإشكال بما تقدّم (١) من أنّ الشكّ في الفراغ إذا كان ناشئاً عن الكلفة الزائدة لم يكن مورداً لقاعدة الشغل.
لا يقال : إنّ الوجوب المنبسط على الخمسة وجوب واحد بسيط لا تقطيع فيه ، وهو مباين للوجوب الوارد على الأربعة ، وحينئذ لا يمكنكم رفع الوجوب على الخامس ، بل ولا رفع الوجوب الوارد على تقيّد الأربعة بالخامس ، إذ الوجوب الواحد الوارد على المجموع لا يتقطّع.
لأنّا نقول : إنّ ذات وجوب الأربعة لا بشرط موجود بذاته في ضمن الوجوب الوارد على الخمسة ، كما أن ذات الأربعة لا بشرط موجودة في ضمن الخمسة ، فإنّ الشيء بشرط شيء مصداق للشيء لا بشرط ، وإن كانا بحسب اللحاظ متباينين. وقولكم إنّ الوجوب الوارد على المجموع لا يتقطّع مسلّم ، لكن للشارع رفعه ولو برفع منشئه وهو ورود الوجوب على المجموع ، ولا يعارضه رفع وجوب الأقل ، لأنّ المراد إن كان رفع وجوب الأقل بحدّه فهو كما ذكرتم معارض له ، إلاّ أنه لا محصّل لرفع وجوب الأقل بحدّه ، لأنّ تحديده عبارة عن الأقلّية ، وهي ليست مورداً لحديث الرفع المسوق لرفع الكلفة. وإن كان المراد رفع ذات وجوب الأقل الوارد على ذات الأربعة الملحوظ هو ومتعلّقه لا بشرط ، فهذا موجود قطعاً ، لما عرفت من تحقّق الشيء لا بشرط في ضمن تحقّق الشيء
__________________
(١) في الصفحة : ٢٨٠ وما بعدها.