هذه الجهات جهة رابعة ، وهي جهة التقدّم الزماني للعلم أيضاً ، والمنشأ في تلك الجهات الثلاث هو تأخّر نجاسة الملاقي عن نجاسة أصله رتبة وزماناً.
قوله : ولا وجه لما ذكره المحقّق الخراساني قدسسره من عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي لأحد الطرفين ، وإن كانت نجاسة الملاقي للنجس من الآثار المترتّبة شرعاً على نفس النجس ، وذلك لأنّه بعد الاعتراف بأنّ وجوب الاجتناب عن الملاقي للنجس من الأحكام المترتّبة على نفس النجس ، لا يبقى مجال للقول بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي لأحد الطرفين ... الخ (١).
الظاهر أنّ المشار إليه بذلك هو ما أفاده في الكفاية بقوله قدسسره : الرابع : أنّه إنّما يجب عقلاً رعاية الاحتياط في خصوص الأطراف ممّا يتوقّف على اجتنابه أو ارتكابه حصول العلم باتيان الواجب أو ترك الحرام المعلومين في البين دون غيرها ، وإن كان حاله حال بعضها في كونه محكوماً بحكمه واقعاً الخ (٢).
ولا يخلو نسبة ذلك إليه قدسسره بمجرّد هذه العبارة عن تأمّل ، لأنّ الظاهر أنّ مراده بذلك هو أنّ الملاقي للنجس وإن كان محكوماً بمثل حكم الملاقى ـ بالفتح ـ الذي هو النجاسة ، إلاّ أنه فرد آخر من النجس ، لا أنّه محكوم بعين حكم الملاقى ، بحيث يكون وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ عين وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ ليكون تنجّزه عين تنجّزه.
وأمّا قول صاحب الكفاية قدسسره في الفوائد : سواء كان دليل نجاسته هو دليل نجاسة الملاقى أو دليلاً آخر ـ إلى قوله : ـ وتبعية نجاسة الملاقي في الاستفادة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٨.
(٢) كفاية الأُصول : ٣٦٢.