بجعل قوله لا تكرم زيداً مخصّصاً للعام ، هذا.
ولكن تأتّي هذا التفصيل فيما نحن فيه مشكل ، لأنّ العموم إنّما هو مثل أقيموا الصلاة ، والخاصّ الموافق لذلك العموم أو الاطلاق إنّما هو ما يدلّ على عدم جزئية السورة ، لا ما يدلّ على التقييد بعدمها ، وحينئذ يكون الخبر المخالف لذلك الاطلاق هو ما يدلّ على جزئية السورة ، ويكون وزان مسألتنا وزان ما لو قال أكرم العلماء ثمّ قال يجب إكرام زيد ، وقال أيضاً لا يجب إكرام زيد ، ومن الواضح أنّ التخيير في ذلك لا يتصوّر فيه كونه تخييراً في العمل ، لأنّ التخيير في العمل هو عين الأخذ بقوله لا يجب إكرام زيد ، وإنّما يتصوّر التخيير في العمل فيما لو كان كلّ من الخاصين متضمّناً لحكم إلزامي ، مثل الوجوب في أحدهما والتحريم في الآخر ، في قبال العام الموافق لأحدهما وهو وجوب إكرام العلماء مثلاً ، أمّا لو كان أحد الدليلين ملزماً بالخاصّ وكان الآخر غير ملزم به ، فلا يتصوّر فيه التخيير في العمل بين الخاصين ، سواء كان في قبالهما عموم إلزامي ، أو كان في قبالهما عموم غير الزامي بالنسبة إلى ذلك الخاصّ ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فتأمّل.
قوله : منها : ما إذا تردّد لباس المصلّي بين كونه من مأكول اللحم أو غيره ، فإنّ مانعية غير المأكول تختلف سعة وضيقاً على حسب ما لغير المأكول من الأفراد ... الخ (١).
لا يخفى أنّه قدسسره قد حقّق في محلّه في مسألة اللباس المشكوك (٢) أنّ المطلوب في باب النهي النفسي مثل لا تشرب الخمر بحسب التصوير العقلي يمكن أن يكون على ثلاثة أنحاء : الأوّل : أن يكون المطلوب فيه هو ترك كلّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٠٣.
(٢) رسالة الصلاة في المشكوك : ٢٦٨ ـ ٢٧١.