طوليين ، فكما أنّه في تلك المسألة نقول إنّ أصالة البراءة عن اعتبار ذلك الجزء الزائد تثبت التخيير بين الفاقد له والواجد ، ويكون بمقتضى أصالة البراءة كلّ منهما مبرئاً لذمّته ، فكذلك نقول هنا : إنّ أصالة البراءة من الجزئية في حال العذر تثبت التخيير بين الفاقد لذلك الجزء في حال التعذّر والواجد له بعد ارتفاع العذر ، ويكون الاتيان بكلّ منهما في محلّه مبرئاً للذمّة.
لكنّه قدسسره قد نظر إلى أنّ الجزئية هنا قد ثبتت في الجملة ، وصار المكلّف مكلّفاً بالواجد في الجملة ، لكن نشكّ في كيفية ثبوتها ، وأنّها هل ثبتت على نحو يكون الفاقد في حال العذر مسقطاً لذلك التكليف ، أو أنّها ثبتت على نحو يكون ذلك الفاقد في ذلك الحال غير مسقط له ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّه لو كان في أوّل الوقت قادراً بمقدار أداء الصلاة ، ثمّ طرأ العذر وأتى بالفاقد ، ثمّ ارتفع العذر وقد بقي من الوقت مقدار أداء الصلاة التامّة ، يكون جريان الاستصحاب فيه مبنياً على ما ذكرناه من الملاك ، أو دعوى إلحاق النسيان بالجهل ، وإلاّ فبناءً على الوجه الأوّل وهو دعوى كون النسيان بمنزلة التعذّر ، وعدم الاكتفاء بالملاك ، بحيث يكون العاجز عن الجزء غير مكلّف به حال تعذّره ولو كانت الجزئية مطلقة ، يشكل إجراء الاستصحاب المذكور ، لعدم اتّصال زمان الشكّ وهو الزمان المتأخّر بزمان اليقين وهو الزمان الأوّل ، لانفصاله عنه بالزمان المتوسّط الذي هو زمان العذر ، فتأمّل.
قوله : فلا محيص من رفع اليد عمّا يقتضيه الظاهر الأوّلي بتأويل المصدر بمعنى المفعول ، وجعل النسيان بمعنى المنسي ، فيكون المرفوع نفس الفعل الصادر عن المكلّف نسياناً بأن يفرض ... الخ (١).
لا يخفى أنّه بعد أن امتنع حمل النسيان المشتمل عليه حديث الرفع على ما
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.