قوله : بقي من أقسام الشكّ في المكلّف به ما إذا اشتبه الواجب بالحرام ، كما إذا علم بوجوب أحد الشيئين وحرمة الآخر واشتبه الواجب بالحرام ... الخ (١).
الظاهر أنّ دوران الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر مع اشتباههما تارةً يكون لأجل العلم بتوجّه الخطابين واشتبه المطلوب تركه بالمطلوب فعله ، إمّا من جهة الشبهة الموضوعية كما لو اشتبه المرتدّ الفطري بالمؤمن ، وكما لو اشتبهت الزوجة المحلوف على وطئها بالأجنبية ، أو بالزوجة المحلوف على ترك وطئها ، وإمّا من جهة الاشتباه في الحكم ، كما لو ورد أمر ونهي وتردّد الأمر في أنّ متعلّق الأوّل هو الفعل الفلاني ومتعلّق الثاني هو الفعل الآخر ، أو أنّ الأمر بالعكس.
وأُخرى يكون دوران الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، لأجل العلم بخطاب واحد مردّد بين الأمر والنهي مع التردّد في متعلّق ذلك الخطاب بين المتباينين ، يعني أنّ ذلك التكليف الذي هو المردّد بين الأمر والنهي هل هو متعلّق بهذا الفعل ، أو أنّه متعلّق بذلك الفعل الآخر ، إمّا على نحو الشبهة الحكمية أو على نحو الشبهة الموضوعية. وعلى أي حال ، فيكون الأمر في كلّ واحد من المشتبهين من قبيل الدوران بين المحذورين ، ومقتضاه التخيير العقلي في كلّ واحد من ذينك المشتبهين ، وفي إدراجه فيما ذكرناه من دوران الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر مع اشتباههما تسامح ، فإنّه من دوران الأمر بين الايجاب والتحريم في كلّ منهما.
وعلى كلّ حال ، ففي النحو الأوّل أعني ما لو كان هناك تكليفان أمر ونهي ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٦٣.