قوله : قد خالف في حسن الاحتياط في العبادات جملة من الفقهاء تبعاً لقاطبة المتكلّمين ، بتوهّم أنّ الاحتياط فيها يستلزم الإخلال بقصد الوجه المعتبر في العبادة ... الخ (١).
الظاهر أنّ قصد الوجه وكذلك التمييز بأيّ معنى فسّرناهما لو سلّمنا اعتبارهما في العبادة ، لا يكون شيء منهما مانعاً عن الاحتياط في العبادة في الموارد التي يكون المكلّف عالماً بأنّ الطلب على تقديره لا يكون إلاّوجوبياً أو لا يكون إلاّ استحبابياً ، لوضوح أنّه مع قطع النظر عن اعتبار الاطاعة التفصيلية ، بحيث لو قلنا إنّها غير معتبرة في صحّة العبادة وأنّه يكفي في صحّتها الاطاعة الاحتمالية ، لم يكن اعتبار الوجه والتمييز مانعاً من صحّتها والاحتياط فيها في موارد احتمال الوجوب أو في مورد احتمال الاستحباب.
نعم في الموارد التي لا إشكال فيها من ناحية اعتبار الاطاعة التفصيلية ، كما لو علم بأنّها مطلوبة لكن تردّد في ذلك الطلب هل هو وجوبي أو استحبابي ، لم يكن الإشكال في صحّة الاحتياط فيها من ناحية اعتبار الاطاعة التفصيلية ، بل يكون الإشكال فيها من ناحية قصد الوجه والتمييز ، فيكون بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد مختصّاً بهذه الصورة ، أعني ما لو علم الطلب وتردّد بين الوجوب والاستحباب.
والحاصل : أنّ البحث عن اعتبار نيّة الوجه وكذلك التمييز إنّما يساق لأجل تصحيح الاحتياط في العبادة في مقام التردّد بين وجوب العمل واستحبابه بعد الفراغ عن إحراز تعلّق الطلب به ، سواء كان ذلك المتعلّق هو تمام العمل أو كان هو جزأه ، والبحث عن الاكتفاء بالاطاعة الاحتمالية في قبال اعتبار الاطاعة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٦٦.