فلاحظ وتأمّل.
قوله : فلو فرض سبق وجوده على المعلوم الآخر ـ مع تأخّر علمه عن علمه ـ موجباً لسبق تنجّزه يلزم انفكاك ... الخ (١).
أشار بهذه الجملة إلى الصورة الثانية ممّا ذكره في الكفاية ، وهي ما لو علم أوّلاً بنجاسة مردّدة بين الثوب وإناء عمرو ، ثمّ علم بنجاسة إناء زيد أو إناء عمرو ، وأنّ نجاسة الثوب لو كان هو النجس في العلم الاجمالي الأوّل فإنّما هي من جهة ملاقاته لإناء زيد ، فكان المعلوم بالعلم الثاني وهو النجاسة بين إناء زيد وإناء عمرو سابقاً في الرتبة على المعلوم بالعلم الأوّل المردّد بين نجاسة الثوب أو إناء عمرو ، فلو كان تقدّم ذلك المعلوم وهو النجاسة بين إناء زيد وإناء عمرو موجباً لتقدّم تنجّزه ، لكان العلم بين الثوب وإناء عمرو منفكّاً عن التنجّز ، لأنّه مسبوق بتنجّز أحد طرفيه وهو إناء عمرو ، فيلزم انفكاك العلّة التي هي العلم بين الثوب وإناء عمرو عن معلولها الذي هو التنجّز. وهذا تطويل.
فالأولى أن يقال : إنّ العلم الثاني وهو المردّد بين إناء زيد وإناء عمرو ، لا يعقل أن يكون أثره وهو التنجّز سابقاً عليه وعلى العلم الأوّل المردّد بين الثوب وإناء عمرو ، ليكون ذلك التنجّز السابق موجباً لانحلال العلم الأوّل. وكأنّه يريد بذلك الاعتراض على شيخنا قدسسره في دعواه انحلال العلم السابق المذكورة ، وقد عرفت أنّه يمكن أن يقال : إنّ دعوى شيخنا قدسسره ليست مبنية على سبق التنجّز ، بل على انكشاف كون العلم السابق صورياً لا واقعية له ، وحينئذ لا يكون جريان الأصل في الثوب مربوطاً بكون الموجب لسقوط الأصل النافي هو نفس العلم ، أو كونه هو تعارض الأُصول.
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢٤٩.