لأنّا نقول : إنّ ذلك ـ أعني قصد مطلق التقرّب ـ إنّما ينفع فيما أُحرز الوجوب لأنّه ينطبق عليه قهراً ، وكذلك فيما لو لم يكن إلاّ أمر واحد مردّد بين الوجوب والاستحباب ، فإنّ قصد مطلق القربة في ذلك يكفي لانطباقه على ذلك الطلب المعلوم ، أمّا لو كان في البين طلبان وجوبي واستحبابي ، وكان المأتي به صالحاً لكلّ منهما ، فلا ينفع فيه قصد مطلق القربة ، لأنّه لا يتعيّن أنّه للأوّل أو أنّه للثاني ، فلا يكون مسقطاً للوجوب ، كما لا يكون مسقطاً للاستحباب ، كما أنّه لا يسقطهما معاً.
ومن قبيل ما تقدّم ذكره من موارد التردّد بين الأمرين الوجوبي والاستحبابي الذي عرفت أنّه يصحّ فيه الاتيان بداعي مطلق الطلب ، ما لو تردّد الحكم في القراءة في الصلاة بين الجهر والاخفات ، فإنّه لو كان الواجب هو أحدهما كان الآخر مستحبّاً ، وحينئذ فلو اقتصر على أحدهما لم يحصل على الخروج اليقيني ، سواء جاء به بداعي مطلق الطلب ، أو جاء به بداعي احتمال وجوبه ، بل يتعيّن عليه التكرار ، ويأتي بكلّ واحدة منهما بداعي مطلق الطلب أو بداعي احتمال وجوبه. وفي التحرير عن شيخنا قدسسره المطبوع في صيدا عبارة في هذه المسألة لم أتوفّق لتحصيل المراد منها ، فاللازم ملاحظتها والتأمّل فيما هو المراد منها.
قال في بيان جواز الاحتياط بتكرار القراءة في موارد التردّد بين الجهر والاخفات ولو قبل الفحص ما هذا لفظه : وذلك لأنّه إذا جاز للمكلّف الاتيان بالقراءة التي ليست جزءاً للصلاة في ضمنها بقصد القرآنية ـ كما هو المفروض في المقام ـ فلا محالة يصحّ له الاتيان بالأمرين ، ويقصد كون ما هو المأمور به في ضمن الصلاة جزءاً لها ، وكون الآخر قرآناً في ضمنها ، غاية الأمر أنّه لا يميّز