قوله : ولا ينتقض ذلك بالتمكّن من الامتثال التفصيلي بالصلاة عارياً ، لأنّ التمكّن من الامتثال التفصيلي يتوقّف على سقوط الشرط ... الخ (١).
العبارة لا تخلو من غموض ، والمراد أنّ لنا شرطين ، أحدهما الساتر الطاهر ، والآخر الامتثال التفصيلي ، وكلّ منهما مقيّد بالتمكّن ، فعند دوران الأمر بينهما كما لو لم يكن له إلاّثوبان يعلم إجمالاً بطهارة أحدهما ونجاسة الآخر ، إن صلّى بكل منهما فقد حصل على الصلاة مع اللباس الطاهر ، لكنّه فاته الامتثال التفصيلي ، وإن صلّى عرياناً فقد حصل على الامتثال التفصيلي ، لكنّه فاته الشرط وهو الساتر الطاهر ، فيكون كلّ واحد من هذين الشرطين سالباً لقدرة المكلّف عن الآخر ، فما وجه تقديم الساتر على الامتثال التفصيلي.
والجواب : أنّ الامتثال التفصيلي وإن قلنا بكونه شرطاً في العبادة ، إلاّ أنه متأخّر في الرتبة عن باقي ما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط ، لأنّه عبارة عن لزوم الاتيان بالمأمور به بما له من الأجزاء والشرائط بداعي أمره المعلوم ، فيكون نسبته إلى باقي الأجزاء والشرائط كنسبة الحكم إلى موضوعه في التأخّر الرتبي ، فلا يمكن أن يكون مزاحماً لتلك الأجزاء والشرائط لكونه موجباً للدور ، حيث إنّ التمكّن من الامتثال التفصيلي متوقّف هنا على سقوط شرطية الساتر ، وسقوط شرطية الساتر موقوفة على عدم التمكّن منه ، وعدم التمكّن منه موقوف على لزوم الاطاعة التفصيلية ، ولزوم الاطاعة التفصيلية موقوف على التمكّن منها ، فيكون التمكّن من الاطاعة التفصيلية موقوفاً على التمكّن منها ، بخلاف ناحية شرطية الساتر ، فإنّ لزومه وإن توقّف على التمكّن منه ، لكن تمكّنه منه لا يتوقّف على
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٧٣.