عن النبوّة كبرى كلّية ومن صغرياتها وجوب الفحص عن الأحكام.
قوله : وفي الثاني لا ينحلّ العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالاجمال فيه ... الخ (١).
قد أوضحنا في مبحث العموم (٢) السرّ في عدم الانحلال بذلك ، وإجماله أنّ التردّد بين الأقل والأكثر فيما لو علم بحرمة البيض من هذا القطيع وحصل التردّد بين كونها عشرين أو ثلاثين ، لم يكن واقعاً في مرتبة العلم ، وإنّما هو متأخّر عنه ، لأنّك تجد علمك متعلّقاً بحرمة البيض ، ثمّ تجد لك شكّاً واقعاً على أنّ تلك البيض هل هي عشرون أو ثلاثون ، فلا يكون في ناحية العلم بحرمة البيض وفي مرتبته شكّ في حرمة شيء منها ، وإنّما وقع الشكّ في شيء آخر متأخّر عنه رتبة ، وهو أنّ تلك البيض المعلومة الحرمة التي يجب بحكم العقل الاجتناب عنها جميعاً هل هي عشرون أو هي ثلاثون ، فالمعلوم بالاجمال وهو حرمة البيض لم يكن بعضه متيقّناً وبعضه مشكوكاً ، بل كانت البيض كلّها معلومة الحرمة ، وهي مردّدة بين كونها واقعة في هذا النصف مثلاً أو في النصف الآخر ، فيكون من قبيل الترديد بين المتباينين ، ولا يكون الاجمال فيه إلاّمن هذه الجهة ، أعني جهة تردّده بين المتباينين ، لا أنّ الاجمال فيه ناشئ عن ضمّ قضية متيقّنة وهي حرمة الأقل إلى قضية مشكوكة وهي حرمة الأكثر ، كي يكون راجعاً إلى مسألة الأقل والأكثر ، فراجع البحث هناك بتمامه ليتّضح لك ما أجملناه هنا إن شاء الله تعالى.
واعلم أنّ الشيخ قدسسره ذكر العلم الاجمالي من أدلّة وجوب الفحص ، وهو الدليل الخامس ، وأشكل عليه بما حاصله : أنّ العلم الاجمالي إن لم ينحل كان
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٧٩.
(٢) في المجلّد الخامس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٢٣٧ وما بعدها.