لعذره. وفي الصورة الثانية حكم بعدم استحقاق العقاب ، إذ لم يخالف الواقع ، والرواية الدالّة على التحريم لا أثر لها مع فرض كونها مخالفة للواقع ، وكون حجّيتها من باب الطريقية. نعم ، لو قلنا بالسببية الراجعة إلى التصويب ، لزم القول في هاتين المسألتين بالعكس ، يعني بعدم استحقاق العقاب في الصورة الأُولى واستحقاقه في الصورة الثانية.
قوله : فإن قلت : أليس قد فاتت منه المصلحة السلوكية ... الخ (١).
ظاهره الايراد على الصورة الثانية ، لكن لا يناسبه الجواب عنه بأنّه مع عدم العلم بالطريق والعمل به لا سلوك ولا مصلحة حتّى يلزم من ترك الفحص تفويتها الخ.
وكيف كان ، فهذا الإشكال إن كان مرجعه إلى الإشكال على الصورة الأُولى ، بأن يقال : لا وجه للحكم فيها باستحقاق العقاب على مخالفة الواقع ، لأنّ مصلحته متداركة بالأمارة القائمة على نفي التكليف ، وحينئذ يجاب عنه بأنّ المصلحة السلوكية إنّما تكون بحيث يتدارك بها مصلحة الواقع لو كان المكلّف قد استند إليها في مخالفة ذلك الواقع ، لا مع فرض عدم علمه بها وعدم سلوكه من ناحيتها ، اللهمّ إلاّ أن نقول بالسببية ، بأن يكون نفس وجود تلك الأمارة مبدّلاً للحكم الواقعي ، لكنّه على الظاهر لا يتمّ هنا ، لأنّ قيام الأمارة فرع العلم بها ، والمفروض أنّه لا يعلم بها. والحاصل : أنّ هذا لا يتمّ على المصلحة السلوكية ولا على السببية ، بل ولا على التصويب الصرف ، لأنّ ذلك دائر مدار الظنّ الفعلي ، وهو يتوقّف على العلم بالأمارة.
وإن كان مرجع هذا الإشكال إلى الإشكال على الصورة الثانية ، بأن يقال : إنّه
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٨٨.