ممكناً ، إلاّ أنه نحتاج في إثبات وقوعه إلى دليل يدلّ عليه ، إلاّفي خصوص موارد التزاحم الناشئ عن عدم القدرة على إيجاد متعلّقي الأمرين ، فإنّ إطلاقي الدليل هناك كافٍ في وقوع الترتّب كما أوضحناه في محلّه ، ففي مثل المقام لو فرض كون الترتّب ممكناً إلاّ أنه لا دليل عليه في مقام الاثبات ، والأدلّة الدالّة على صحّة الصلاة لا تدلّ على أنّ الصحّة لأجل الترتّب وأخذ عنوان عصيان أحد الخطابين موضوعاً للخطاب الآخر (١).
وممّا يكشف أنّ صاحب الكفاية قدسسره أراد ما ذكرناه من إرجاع المسألة إلى التضادّ والتزاحم أُمور :
الأوّل : قوله : قلت إنّما حكم بالصحّة لأجل اشتمالها على مصلحة تامّة لازمة الاستيفاء في حدّ نفسها مهمّة في ذاتها ، وإن كانت دون مصلحة الجهر والقصر ، وإنّما لم يؤمر بها لأجل أنّه أُمر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل (٢). وإلاّ فأيّ داع له للالتزام بكون الاخفاتية واجدة لمقدار من المصلحة ، لكي يرد عليه ما أفاده شيخنا قدسسره (٣) من أنّ هذه المصلحة لو كانت متوقّفة على الباقي كان مقتضاه فساد الاخفاتية ، وإن لم تكن متوقّفة عليه كان مقتضاه التخيير ، غايته أنّ الجهرية أفضل الفردين. أمّا توجيه ذلك بما ذكرناه من أنّه يتوخّى به انطباق قولهم : صحّت صلاته أو تمّت ، فقد عرفت (٤) ما فيه أوّلاً وثانياً.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٥٧٣.
(٢) كفاية الأُصول : ٣٧٨.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٢٩١ ـ ٢٩٢.
(٤) في الصفحة : ٥٥٤.