ومشتركاً بين العالم والجاهل ، لا أنّه بالعلم ينقلب من الوجوب النفسي ويتبدّل إلى الوجوب الغيري ، غاية الأمر أنّه يندكّ حينئذ مع الوجوب الشرطي ، فيعطيه الوجوب الشرطي ما كان فاقده من توقّف صحّة الصلاة على وجوده ، ومن الواضح أنّه ليس من قبيل التبدّل والانقلاب ، اللهمّ إلاّ أن يراد من هذا التبدّل والانقلاب المشتمل عليهما عبارة الكتاب هو ما عرفت من الاندكاك.
أمّا العقاب عند ترك الصلاة بعد العلم بالوجوب النفسي ، فقد عرفت أنّه لا يتعدّد ، لكون الوجوب النفسي مشروطاً بفعل الصلاة. وهكذا الحال في كلّ واجب في واجب ، فإنّ وجوبه على الظاهر يكون مشروطاً بالاتيان بذلك المركّب الذي هو واجب في أثنائه. نعم لو فعل الصلاة ولم يجهر فيها بعد العلم بوجوب الجهر فيها نفسياً ، فإنّ لازمه تعدّد العقاب ، فعقاب على ترك نفس الجهر لتحقّق شرط وجوبه وهو الاتيان بالصلاة نفسها ، وعقاب على ترك قيد الصلاة بالجهر ، لأنّها بعد العلم بوجوب الجهر نفسياً يكون تقيّدها به واجباً شرطياً وقد تركه.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المتروك لمّا كان شيئاً واحداً وهو الجهر في قراءتها ، لا يكون العقاب إلاّواحداً ، وإن كان بذلك الترك الواحد قد ترك واجبين ، أحدهما نفسي وهو ذات الجهر ، والآخر شرطي وهو تقيّد الصلاة به. أو يقال : إنّه بعد فرض اندكاك أحد الوجوبين بالآخر كما أفاده شيخنا قدسسره ، لا يكون العقاب إلاّ واحداً ، إذ ليس في البين بعد الاندكاك إلاّوجوب واحد ، وبهذا يجاب عن لزوم التعدّد فيما لو ترك الصلاة بعد العلم بالوجوب النفسي حتّى لو قلنا بأنّ الوجوب النفسي غير مشروط بالاتيان بالمركّب.
لكن لنا إشكال في أصل دعوى الاندكاك ، وصيرورة الوجوبين وجوباً